وبناءً عليه؛ فكلام المُصَنِّف مُسَلَّمٌ له، فلم يروه عن أبي مُعاوية إلا ابن الجعد كما سبق بيانه في التخريج.
وأمَّا على الراجح مِنْ أقوال أهل العلم في عدم التفرقة بينهما وهو ما صرَّح به غير واحدٍ كما سبق بيانه، فيكون كلام المصَنِّف - رضي الله عنه - غير مُسَلَّمٍ له فيه، فلم يَنْفَرد به علي بن الجعد، بل تابعه جماعة مِن الرواة، وهم: يَزيد بن هارون، ومسلم بن إبراهيم، وصالح بن مالك، فثلاثتهم رووه عن سعيد بن زربي.
قلتُ: لكن لو فرضنا جدلاً أنَّ الإمام الطبراني يذهب مذهب الجمهور في عدم التفرقة بينهما، فيكون لقوله هذا مَخْرجٌ، وهو: أنَّ جميع الرواة الذين رووا هذا الحديث قالوا: سعيد بن زَرْبي. فذكروه باسمه دون كنيته أو نسبته، ولم يذكره بكنيته: أبو مُعاوية، ونسبته: العبَّاداني إلا علي بن الجَعْد - كما هو واضحٌ في التخريج -، وقال أبو القاسم البغوي - فيما ذكره عنه الآبنوسي -: ولم يُسَمِّه لنا ابن الجعد.
ويكون المراد بقوله هذا: أي لم يذكره بهذه الكنية والنسبة (أبو معاوية العبَّاداني) إلا علي بن الجَعد، فلعلَّ هذا هو مُراد الإمام الطبراني - رضي الله عنه -، والله أعلم.
قلتُ: وقال الحاكم - عقب تخريجه للحديث -: وهذا الحديث هو مِنَ النَّوع الذي طَلَبُوا المُتَابِع فيه لِلتَّابِعِيِّ عن الصَّحَابِيِّ. يَقْصد بذلك أنَّه لم يروه عن أسامة بن عُمير إلا أبو المليح، وسبق أنْ ذكرت أنَّ جماعة مِن الحفَّاظ قالوا: لم يرو عن أسامة إلا ابنه أبو المليح - والله أعلم -.