للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

ذلك هو وابن خزيمة على عدم الوجوب بحديث ابن عباس مرفوعًا «إِنَّمَا أُمِرْتُ بِالْوَضُوءِ إِذَا قُمْتُ إِلَى الصَّلاةِ» (١).

وقد قدح في هذا الاستدلال ابن رشد المالكي، وهو واضحٌ.

ونقل الطحاوي عن أبي يوسف: أنه ذهب إلى عدم الاستحباب، وتمسك بما رواه أبو إِسْحَاقَ السَّبيعي، عَنِ الْأَسْوَدِ، عَنْ عَائِشَةَ، أَنَّ النَّبِيَّ - صلى الله عليه وسلم - كَانَ يَنَامُ وَهُوَ جُنُبٌ وَلا يَمَسُّ مَاءً.

وتُعِقِّبَ: بأنَّ الحُفَّاظ قالوا: إن أبا إسحاق غلط فيه، وبأنه لو صح حُمِلَ على أنَّه ترك الوضوء لبيان الجواز، لئلا يُعتقد وجوبه، أو أنَّ معنى قوله: "لا يَمَسُّ مَاءً" أي: للغسل.

ثم جنح الطحاوي إلى أن المراد بالوضوء التنظيف، واحتج بأن ابن عمر راوي الحديث وهو صاحب القصة كان يتوضأ وهو جنب ولا يغسل رجليه، كما رواه مالك في "الموطأ".

وأجيب: بأنه ثبت تقييد الوضوء بالصلاة من روايته، ومن رواية عائشة - كما تقدم -، فيعتمد، ويُحمل ترك ابن عمر لغسل رجليه على أن ذلك كان لعذر.

وقال جمهور العلماء: المراد بالوضوء هنا الشرعي، والحكمة فيه: أنه يخفف الحدث، وقيل: الحكمة فيه أنه إحدى الطهارتين، فعلى هذا يقوم التيمم مقامه.

وفي الحديث أن غسل الجنابة ليس على الفور وإنما يتضيق عند القيام إلي الصلاة، واستحباب التنظيف عند النوم؛ قال ابن الجوزي: والحكمة فيه أن الملائكة تبعد عن الوسخ والريح الكريهة بخلاف الشياطين فإنها تقرب من ذلك، والله أعلم. أ. هـ (٢)

* * *


(١) أخرجه ابن خزيمة في "صحيحه" (٣٥)، وأبو عوانة في "المُستخرَج" (٧٩٩).
(٢) يُنظر: "فتح الباري" لابن حجر (١/ ٣٩٤)، و"فتح الباري" لابن رجب (١/ ٣٥٥ - ٣٦٥).

<<  <  ج: ص:  >  >>