للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

وَبِحَمْدِكَ" على ما ثَبَتَ عَنِ الفَارُوقِ - رضي الله عنه -، غير أنَّ الافْتِتَاحَ بما ثَبَتَ عَنِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - في خبرِ عليِّ بن أبي طَالِبٍ، وأبي هُرَيْرَةَ (١)،

وغَيْرِهِمَا بنقلِ العَدْلِ عن العَدْلِ مَوْصُولًا إليه - صلى الله عليه وسلم - أَحَبُّ إليَّ، وأولى بالاسْتِعْمَالِ إِذِ اتِّبَاعُ سُنَّةِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - أَفْضَلُ وخَيْرٌ مِنْ غيرها.

قلتُ: ومِنْ أمثل الشواهد لحديث الباب:

- ما أخرجه عبد الرزاق في "المصنف" (٢٥٥٧)، وابن شيبة في "المصنف" (٢٣٨٧، ٢٣٨٩، ٢٤٠٤)، والدَّارقطني في "السنن" (١١٤٤، ١١٤٦)، والحاكم في "المستدرك" (٨٦٠) - وصححه ووافقه الذهبي-، والبيهقي في "السنن الكبرى" (٢٣٥٠، ٢٣٥٨)، كلهم من طُرُقٍ عن الأسود بن يزيد، قال: "سمعتُ عمر افتتح الصلاة، وكبَّر، فقال: سُبْحَانَكَ اللَّهُمَّ وَبِحَمْدِكَ وتَبَارَكَ اسْمُكَ وَتَعَالَى جَدُّكَ وَلا إِلَهَ غَيْرُكَ". وفي بعض الروايات: أنه كان يرفع بها صوته؛ ليُسمع بها مَنْ خلفه. وفي بعضها: أنه كان يُعلمها لأصحابه. وهذا سنده صحيح. وقال البيهقي فيه: وأصح ما رُويَ فيه - أي في الاستفتاح بسبحانك اللهم- الأثر الموْقوف على عمر - رضي الله عنه -.

- وأخرجه الدَّارقطني في "السنن" (١١٤٣)، من طريق نافع، عن ابن عمر، عن عمر، أنه كان إذا كَبَّرَ للصلاة، قال: "وذكر الحديث". قال الدارقطني: وهذا صحيحٌ عن عمر.

قلتُ: وهذا وإن كان موقوفًا على عمر بن الخطاب - رضي الله عنه - من قوله؛ إلا أنه مما له حكم الرفع؛ لأن هذا لا يُقال من قِبَل الرأي والاجتهاد؛ لكوْنه من الأذكار التوقيفية، لذا كان عمر - رضي الله عنه - يرفع بها صوته، ويُعَلِّمها لأصحابه (٢). (٣)


(١) أخرجه مُسلمٌ في "صحيحه" (٧٧١)، ك/الصلاة، ب/الدُّعَاءِ فِي صَلَاةِ اللَّيْلِ وَقِيَامِهِ، وابن خزيمة في "صحيحه" برقم (٤٦٢ - ٤٦٤) عن عَلِيِّ بن أبي طَالِبٍ، عن رَسُولِ اللهِ - صلى الله عليه وسلم -، أَنَّهُ كَانَ إِذَا قَامَ إِلَى الصَّلَاةِ، قَالَ: «وَجَّهْتُ وَجْهِيَ لِلَّذِي فَطَرَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ حَنِيفًا، وَمَا أَنَا مِنَ الْمُشْرِكِينَ، إِنَّ صَلَاتِي، وَنُسُكِي، وَمَحْيَايَ، وَمَمَاتِي لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ، لَا شَرِيكَ لَهُ، وَبِذَلِكَ أُمِرْتُ وَأَنَا مِنَ الْمُسْلِمِينَ، اللهُمَّ أَنْتَ الْمَلِكُ لا إِلَهَ إِلا أَنْتَ، أَنْتَ رَبِّي، وَأَنَا عَبْدُكَ، ظَلَمْتُ نَفْسِي، وَاعْتَرَفْتُ بِذَنْبِي، فَاغْفِرْ لِي ذُنُوبِي جَمِيعًا، إِنَّهُ لا يَغْفِرُ الذُّنُوبَ إلا أَنْتَ، وَاهْدِنِي لأَحْسَنِ الأَخْلَاقِ لَا يَهْدِي لأَحْسَنِهَا إلا أَنْتَ، وَاصْرِفْ عَنِّي سَيِّئَهَا لا يَصْرِفُ عَنِّي سَيِّئَهَا إلا أَنْتَ، لَبَّيْكَ وَسَعْدَيْكَ وَالْخَيْرُ كُلُّهُ فِي يَدَيْكَ، وَالشَّرُّ لَيْسَ إِلَيْكَ، أَنَا بِكَ وَإِلَيْكَ، تَبَارَكْتَ وَتَعَالَيْتَ، أَسْتَغْفِرُكَ وَأَتُوبُ إِلَيْكَ». واللفظ لمسلم .. وأخرجه البخاري في "صحيحه" (٧٤٤)، ك/الآذان، ب/ما يَقُولُ بَعْدَ التَّكْبِيرِ، ومُسلمٌ في "صحيحه" (٥٩٨)، ك/الصلاة، ب/ما يُقَالُ بَيْنَ تَكْبِيرَةِ الْإِحْرَامِ وَالْقِرَاءَةِ، وابن خزيمة في "صحيحه" (٤٦٥)، عن أبي هُرَيْرَةَ - رضي الله عنه -، قَالَ: كَانَ رَسُولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم -، إِذَا كَبَّرَ فِي الصَّلَاةِ، سَكَتَ هُنَيَّةً قَبْلَ أَنْ يَقْرَأَ، فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللهِ بِأَبِي أَنْتَ وَأُمِّي أَرَأَيْتَ سُكُوتَكَ بَيْنَ التَّكْبِيرِ وَالْقِرَاءَةِ، مَا تَقُولُ؟ قَالَ: " أَقُولُ: اللهُمَّ بَاعِدْ بَيْنِي وَبَيْنَ خَطَايَايَ كَمَا بَاعَدْتَ بَيْنَ الْمَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ، اللهُمَّ نَقِّنِي مِنْ خَطَايَايَ كَمَا يُنَقَّى الثَّوْبُ الْأَبْيَضُ مِنَ الدَّنَسِ، اللهُمَّ اغْسِلْنِي مِنْ خَطَايَايَ بِالثَّلْجِ وَالْمَاءِ وَالْبَرَدِ ". واللفظ لمسلم.
(٢) قال الشيخ الألباني في "أصل صفة صلاة النبي - صلى الله عليه وسلم - " ٢/ ٢٥٧: وهذا دليلٌ ظاهرٌ على أنَّ ذلك من سننه - صلى الله عليه وسلم -، وإلا؛ فغير معقولٍ أن يُقْدِم عمر على الابتداع - مع كثرة أدعية الاستفتاح عنه - صلى الله عليه وسلم -؛ لاسيما وهو يرفع صوته بذلك، ولا أحد من الصحابة ينكر ذلك عليه، وهذا بَيِّنٌ لا يخفى. والحمد لله.
(٣) ولمعرفة مزيد من الشواهد فلْيُراجِع: "شرح ابن ماجة لمغلطاي" ١/ ١٣٥٩، "عون المعبود" ٢/ ٣٣٩، "تنقيح التنقيح" لابن عبد الهادي ٢/ ١٤٩ - ١٥٦، "نصب الراية" ١/ ٣٢٠، "البدر المنير" ٣/ ٥٣٧، "التلخيص الحبير" ١/ ٤١٣، "إرواء الغليل" ٢/ ٤٨، "أصل صفة صلاة النبي - صلى الله عليه وسلم - " ٢/ ٢٥٢، "السلسلة الصحيحة" حديث رقم (٢٩٩٦).

<<  <  ج: ص:  >  >>