للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

تذكرة بنار الآخرة، قال تعالى في هذه النار: {نَحْنُ جَعَلْنَاهَا تَذْكِرَةً وَمَتَاعًا لِلْمُقْوِينَ (٧٣)} (١) وأخبر النبي - صلى الله عليه وسلم -: أن شدة الحر والبرد من أنفاس جهنم، فلا بد أن يشهد عباده جنته وما يذكرهم بها والله المستعان. (٢)

وقال الحافظ ابن حجر: والمراد بهذا النفي وان كان عامّاً التخصيص بزمان ما، لما تعاضدت الأدلة العقلية والنقلية أن من مات مسلماً، ولو كان من أهل الكبائر، فهو محكوم بإسلامه غير مخلد في النار، ومَآله إلى الجنة ولو عذب قبل ذلك. (٣)

وقال ابن حجر: وهذا اختلاف شديد، … والذي يظهر لي في الجمع أن يُقال: إن الأربعين أقل زمن يدرك به ريح الجنة من في الموقف، والسبعين فوق ذلك، أو ذكرت للمبالغة، والخمسمائة ثم الألف أكثر من ذلك، ويختلف ذلك باختلاف الأشخاص، والأعمال، فمن أدركه من المسافة البعدي أفضل ممن أدركه من المسافة القربى، وقد أشار إلى ذلك شيخنا في "شرح الترمذي"، فقال: الجمع بين هذه الروايات أن ذلك يختلف باختلاف الأشخاص بتفاوت منازلهم ودرجاتهم، ثم رأيت نحوه في كلام ابن العربي، فقال: ريح الجنة لا يدرك بطبيعة ولا عادة، وإنما يدرك بما يخلق الله من إدراكه، فتارة يدركه من شاء الله من مسيرة سبعين، وتارة من مسيرة خمسمائة.

ونقل ابن بطال أن المهلب احتج بهذا الحديث على أن المسلم إذا قتل الذمي أو المعاهد لا يقتل به للاقتصار في أمره على الوعيد الأخروي دون الدنيوي. (٤)

* * *


(١) سورة "الواقعة"، آية (٧٣).
(٢) يُنظر: "حادي الأرواح إلى بلاد الأفراح" (ص/٣٣٠ - ٣٣٧).
(٣) يُنظر: "فتح الباري" (١٢/ ٢٧١).
(٤) يُنظر: "فتح الباري" (١٢/ ٢٥٩ - ٢٦٠)، "تحفة الأحوذي" (٤/ ٥٤٨).

<<  <  ج: ص:  >  >>