للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

قادر السعي إليها والطواف بالبيت الذي فيها غيرها، وليس على وجه الأرض موضع يشرع تقبيله واستلامه، وتحط الخطايا والأوزار فيه غير الحجر الأسود، والركن اليماني. وثبت عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أن الصلاة في المسجد الحرام بمائة ألف صلاة، فبإسناد صحيح عن عبد الله بن الزبير، قال: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم -: «صَلاةٌ فِي مَسْجِدِي هَذَا أَفْضَلُ مِنْ أَلْفِ صَلاةٍ فِيمَا سِوَاهُ، إِلا الْمَسْجِدَ الْحَرَامَ، وَصَلاةٌ فِي ذَاكَ أَفْضَلُ مِنْ مِائَةِ صَلاةٍ فِي هَذَا»، يَعْنِي فِي مَسْجِدِ الْمَدِينَةِ. رواه ابن حبان في "صحيحه" (١)، وهذا صريحٌ في أنَّ المسجد الحرام أفضل بقاع الأرض على الإطلاق، ولذلك كان شد الرحال إليه فرضًا، ولغيره مما يُستحب ولا يجب، وفي "المسند"، والترمذيّ، عن عبد الله بن عدي بن الحمراء، أنه سمع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وهو واقف على راحلته بالحَزْوَرة من مكة، يقول: «وَاللَّهِ إِنِّي لأَعْلَمُ أَنَّكِ خَيْرُ أَرْضِ اللَّهِ، وَأَحَبُّ أَرْضِ اللَّهِ إِلَى اللَّهِ، وَلَوْلا أَنِّي أُخْرِجْتُ مِنْكِ مَا خَرَجْتُ». قال الترمذي: هذا حديث حسن صحيح.

وقد ظهر سر هذا التفضيل والاختصاص في انجذاب الأفئدة وهوى القلوب وانعطافها ومحبتها لهذا البلد الأمين، فجذبه للقلوب أعظم من جذب المغناطيس للحديد، ولهذا أخبر سبحانه أنه مثابة للناس، أي: يثوبون إليه على تعاقب الأعوام من جميع الأقطار، ولا يقضون منه وطرًا، بل كلما ازدادوا له زيارة ازدادوا له اشتياقا. فلله كم أنفق في حبها من الأموال والأرواح، ورضي المحب بمفارقة فلذ الأكباد، والأهل والأحباب والأوطان، مقدمًا بين يديه أنواع المخاوف والمتالف والمعاطف والمشاق، وهو يستلذ ذلك كله ويستطيبه ويراه - لو ظهر سلطان المحبة في قلبه - أطيب من نعم المتحلية وترفهم ولذاتهم. (٢)

وقال النووي: قال القاضي عياض: أجمعوا على أن موضع قبره - صلى الله عليه وسلم - أفضل بقاع الأرض، وأن مكة والمدينة أفضل بقاع الأرض، واختلفوا في أفضلهما، ما عدا موضع قبره - صلى الله عليه وسلم -، فقال عمر - رضي الله عنه -، وبعض الصحابة - رضي الله عنهم -، ومالك، وأكثر المدنيين: المدينة أفضل. وقال أهل مكة، والكوفة، والشافعي، وابن وهب، وابن حبيب المالكيان: مكة أفضل. قلت (النووي): ومما احتج به أصحابنا لتفضيل مكة، حديث عبد الله بن عدي بن الحمراء - رضي الله عنه - أنه سمع النبي صلى الله - صلى الله عليه وسلم - وهو واقف على راحلته بمكة، يقول: «وَاللَّهِ إِنِّي لأَعْلَمُ أَنَّكِ خَيْرُ أَرْضِ اللَّهِ، وَأَحَبُّ أَرْضِ اللَّهِ إِلَى اللَّهِ، وَلَوْلا أَنِّي أُخْرِجْتُ مِنْكِ مَا خَرَجْتُ»، رواه الترمذي والنسائي وقال الترمذي هو حديث حسن صحيح. وعن عبد الله بن الزبير، قال: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم -: «صَلاةٌ فِي مَسْجِدِي هَذَا أَفْضَلُ مِنْ أَلْفِ صَلاةٍ فِيمَا سِوَاهُ، إِلا الْمَسْجِدَ الْحَرَامَ، وَصَلاةٌ فِي ذَاكَ أَفْضَلُ مِنْ مِائَةِ صَلاةٍ فِي هَذَا»، حديث حسنٌ. (٣)

* * *


(١) أخرجه ابن حبَّان في "صحيحه" - كما في "الإحسان" (١٦٢٠) -.
(٢) يُنظر: "زاد المعاد" (١/ ٤٧ - ٥٤).
(٣) يُنظر: "المنهاج شرح صحيح مسلم بن الحجاج" (٩/ ١٦٤).

<<  <  ج: ص:  >  >>