للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

شواهد للحديث:

- والحديث بلفظ "مُدَارَاةُ النَّاسِ صَدَقَةٌ" لم أقف له على شواهد صحيحة بهذا اللفظ، وما وقفتُ عليه أسانيدها إما أنْ يكون فيها متروك، أو متهم، أو وضَّاع (١)، وأمْثل ما وَقفتُ عليه هو حديث المقدام بن مَعْدي كرب:

أخرجه تمّام بن محمد في "فوائده" - كما في "الروض البسام" (١١٠٣) -، وابن قانع في "معجم الصحابة" (٣/ ١٠٦)، من طريق بقية بن الوليد، عن بَحير بن سَعد، عن خالد بن مَعْدان، عن المقدام بن مَعْدي كرب، قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "مُدَارَاةُ النَّاسِ صَدَقَةٌ". قلتُ: وفيه بقية بن الوليد يدلّس تدليس التسوية، ولم يصرّح بالتحديث. وقال ابن الجوزي: وروى عن المقدام بن معدي كرب، عن أبيه، قال إبراهيم الحربي: وهو حديثٌ كذب. (٢)

- والحديث يشهد له بالمعنى ما أخرجه البخاري، ومسلم من حديث عائشة رضي الله عنها، أنَّه استأذن على النبي - صلى الله عليه وسلم - رجل، فقال: «ائْذَنُوا لَهُ، بِئْسَ ابْنُ العَشِيرَةِ، أَوِ بئس أَخُو العَشِيرَةِ». فَلَمَّا دَخَلَ أَلَانَ لَهُ الكَلَامَ، فقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، قُلْتَ الَّذِي قُلْتَ، ثُمَّ أَلَنْتَ لَهُ في القول؟ قَالَ: «أَيْ عَائِشَةُ، إِنَّ شَرَّ النَّاسِ منزلة عند الله مَنْ تَرَكَهُ، أَوْ وَدَّعَهُ النَّاسُ، اتِّقَاءَ فُحْشِهِ». (٣)

قال الحافظ ابن حجر في "الفتح": والنكتة في إيراده هنا - أي في باب مداراة الناس - التلميح إلى ما وقع في بعض الطرق بلفظ المداراة، وهو عند الحارث بن أبي أسامة، من حديث صَفْوان بن عَسَّال (٤)، نحو حديث عائشة، وفيه: "فقال: إنه منافق أُداريه عن نِفاقه، وأخشى أن يُفسد على غيره". (٥)

ب الحكم على الحديث مِنْ وجهه الراجح (بالوجه الثاني):

مِمَّا سبق يَتَبَيَّنُ أنَّ الحديث بالوجه الثاني "صَحيحٌ"، لأخرج البخاري له، وهذا كافٍ لثبوت صحته.

وفي الباب عن حذيْفة بن اليمان - رضي الله عنه -، أخرجه الإمام مسلم في "صحيحه" عن أبي مالك الأشجعي، عن رِبْعِيّ بن حِراش، عن حُذيْفة، عن النبي - صلى الله عليه وسلم -، قال: "كُلُّ مَعْرُوفٍ صَدَقَةٌ". (٦)


(١) مَنْ رَامَ المزيد من الشواهد، فليُراجع: "مداراة الناس" لابن أبي الدنيا (٤، ٥)، "العلل المتناهية" لابن الجوزي (٦/ ١٢)، "العلل" لابن أبي حاتم (مسألة/٢١٧٨)، "علل الدارقطني" (مسألة/١٣٧٢)، "السلسلة الصحيحة" للألباني حديث رقم (٤٥٠٨).
(٢) يُنظر: "العلل المتناهية" لابن الجوزي (٢/ ٢٤٣).
(٣) أخرجه البخاري في "صحيحه" (٦١٣١) ك/الأدب، ب/المُداراة مع الناس. وبرقم (٦٠٣٢) ك/الأدب، ب/لم يكن النبي - صلى الله عليه وسلم - فاحشًا ولا مُتَفَحِّشًا. وانظر شرحه - مشكُورًا - في "فتح الباري" (١٠/ ٤٥٣) و (١٠/ ٤٧١). وبرقم (٦٠٥٤) ك/الأدب، ب/ما يجوز من اغتياب أهل الفساد والرّيَب. ومسلم في "صحيحه" (٢٥٩١/ ١ - ٢) ك/ البر والصلة، ب/ مداراة مَنْ يُتَّقَى فُحشه.
(٤) أخرجها ابن أبي أسامة - كما "بغية الباحث" (٨٠٠) -، وقال محققه: في سنده الخليل بن زكريا "متروك".
(٥) يُنظر: "فتح الباري" (١٠/ ٥٢٩).
(٦) أخرجه الإمام مسلم في "صحيحه" (١٠٠٥) ك/ الزكاة، ب/ بيان أنَّ اسم الصدقة يقع على كل نوْعٍ من المعروف.

<<  <  ج: ص:  >  >>