للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

قليل -، ثم قال: وقد رواه بعض الكذّابين بإسنادٍ آخر، فكأنه سرقه منه، وهو عمرو بن الأزهر. (١)

لكن هل لهذا الحديث شاهد آخر يصح به المتن؟

قلتُ: وفي الباب عن أنس بن مالك - رضي الله عنه -، أخرجه أبو داود الطيالسي في "مسنده" (٢١٣٤)، قال: حَدَّثَنَا الحَكَمُ بن عَطِيَّةَ، عن ثَابِتٍ، عن أنسٍ - رضي الله عنه -، قال: كَانَ الَّذِي تَزَوَّجَ عَلَيْهِ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - أُمَّ سَلَمَةَ، عَلَى شَيْءٍ قِيمَتُهُ عَشَرَةُ دَرَاهِمَ. (٢)

ومداره على الحَكَم بن عطية، وقد تتابع أهل العلم على إعلال هذا الحديث به، وعَدُّوهِ من مناكيره:

- قال أبو حاتم: سألتُ أبا الوليد الطّيالسي عن هذا الحديث؟ فقال: ما تصنعون بهذا؟ هذا خطأ. قلتُ (أبو حاتم): وما الصحيح يا أبا الوليد؟ قال: ما حدَّثنا حمَّاد بن سلمة، عن ثابت، عن ابن عمر بن أبي سلمة، عن أبيه، عن أم سلمة، عن النبي - صلى الله عليه وسلم -. (٣)

قال أبو حاتم: فقلتُ له: قد حدّث به أبو الوليد الطيالسي، عن الحَكَم، فمن يبالي به؟ ولم يُحدّثنا به.

قال ابن أبي حاتم: فقلتُ لأبي: وما الصحيح عندك؟ قال: حديث عُمر بن أبي سلمة. (٤)

- وقال الإمام أحمد بن حنبل - لمَّا سُئل عن الحكم بن عطيّة -: لا بأس به إلا أنَّ أبا داود الطيالسي روى عنه أحاديث منكرة. (٥) وقال عنه: لا أعلم إلا خيْرًا، فقال له رجل: حدَّثَني فلانٌ عنه، عن ثابت، عن أنس - وذكر حديث الباب في زواج أم سلمة - فأقبل أبو عبد الله يتعجّب، وقال: هؤلاء الشيوخ لم يكونوا يكتبون، إنما كانوا يحفظون، ونُسِبوا إلى الوهم، أحدهم يسمع الشيء فيتوهَّم فيه. (٦)

وقال أيضًا: الحَكَم بن عطية عندي صالح، حتى وجدتُ له غرائب عن ثابت، عن أنس أنّ النبي - صلى الله عليه وسلم - تزوَّج أم سلمة على شيء قيمته عشرة دراهم؛ وهؤلاء الشيوخ يخطئون على ثابت، وإنما يريد الحديث الذي رواه حمَّاد بن سلمة، عن ثابت، عن ابن عمر بن أبي سلمة. فقيل له: نعم، وسليمان أيضًا يَرْوِيه. فقال: نعم، ولكنّ حمَّاد بن سلمة أحسن له حديثًا. (٧)


(١) ولمراجعة هذه الأقوال، يُنظر: "الكامل" لابن عدي (٦/ ٢٣٤)، "مجمع الزوائد" (٤/ ٢٨٢)، "السلسلة الضعيفة" (٦٤٦٩).
(٢) والحديث أخرجه ابن أبي عاصم في "الآحاد والمثاني" (٣٠٧٩)، والبزّار في "مسنده" (٦٨٩٧)، وأبو يعلى في "مسنده" (٣٣٨٥)، والطبراني في "الكبير" (٢٣/ ٢٤٧/٤٩٨)، وابن عدي في "الكامل" (٢/ ٤٨٥)، وأبو طاهر المخلص في "المخلصيات" (٤٧)، وأبو نُعيم في "معرفة الصحابة" (٦/ ٧٤)، والخطيب البغدادي في "موضّح أوْهام الجمع والتفريق" (١/ ٢١٤)، كلهم من طريق أبي داود الطيالسي، عن الحَكَم بن عطية، به.
(٣) قال المحقق الفاضل لـ"علل ابن أبي حاتم": هو الحديث الطويل المشهور في قصّة وفاة أبي سلمة، وخطبة النبي - صلى الله عليه وسلم - لأم سلمة، واعتذارها بالغيْرة، ثم موافقتها بعد أنْ دعا لها النبي - صلى الله عليه وسلم - بذهاب غيرتها، وفيه قوْله - صلى الله عليه وسلم -: "إن شئت سبَّعت لك .... الحديث".
(٤) يُنظر: "العلل" لابن أبي حاتم (مسألة/١٢٠٩).
(٥) يُنظر: "الجرح والتعديل" (٣/ ١٢٦).
(٦) يُنظر: "تهذيب التهذيب" (٢/ ٤٣٦).
(٧) يُنظر: "الضعفاء الكبير" للعقيلي (١/ ٢٥٨)، "موضّح أوْهام الجمع والتفريق" للخطيب البغدادي (١/ ٢١٤).

<<  <  ج: ص:  >  >>