للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

الْمَذْكُورَ فِيهِنَّ الْمُرَادُ بِهِ النِّكَاحُ. ورجَّح البيهقي، أنَّ المُرَاد بِالإحصان في الآية هو إسلامها، وقال: قَالَ الشَّافِعِيُّ رَحِمَهُ اللهُ: وَإِحْصَانُ الْأَمَةِ إِسْلَامُهَا اسْتِدْلَالًا بِالسُّنَّةِ وَإِجْمَاعِ أَكْثَرِ أَهْلِ الْعِلْمِ. ثم أجاب عن قول ابن عباس بأنَّ المراد به التزويج، فقال: وَإِنَّمَا تَرَكْنَا قَوْلَهُ - أي ابن عبَّاس - بِمَا مَضَى مِنَ السُّنَّةِ الصَّحِيحَةِ وَأَقَاوِيلِ الْأَئِمَّةِ. (١)

- وقال القرطبي: وأما من قال: {فَإِذَا أُحْصِنَّ} (٢) تَزَوَجْنَ، وأنَّه لا حَدَ على الأَمَةِ حتى تَتَزَوج، فإنَّهم ذَهَبُوا إلى ظَاهر القرآن وأحسبهم لم يَعْلموا هذا الحديث. والأمر عندنا أن الأَمَة إذا زَنَت وقد أُحْصنت مجلودةٌ بكتاب الله، وإذا زَنَت ولم تُحْصن مجلودةٌ بحديث النَّبيّ - صلى الله عليه وسلم - ولا رجم عليها، لأن الرجم لا يَتَنَصَّف. (٣)

- وقال ابن الجوزي: العَمَلُ على حديث أبي هُرَيْرَةَ وَزَيْدٍ، والإِحْصَانُ هُوَ التَّزْوِيجُ، أو الإِسْلَامُ عِنْدَ قَوْمٍ، وَلَيْسَ بِشَرْطٍ فِي إِيجَابِ الْحَدِّ عَلَى الْأَمَةِ، بَلِ الحَدُّ وَاجِبٌ وَإِنْ عُدِمَا بِدَلِيلِ هَذَا الْحَدِيثِ. قال أَبُو يَعْلَى: إِنَّمَا شَرَطَ اللَّهُ تَعَالَى الْإِحْصَانُ في الحَدِّ وَإِنْ كَانَ وُجُودَهُ وَعَدَمَهُ سَوَاءً فِي ذَلِكَ لَئَلَّا يَتَوَهَّمُ مُتَوَهِّمٌ أَنَّ عَلَيْهَا نِصْفُ مَا عَلَى الْحُرَّةِ إِذَا لَمْ تَكُنْ مُحْصَنَةً، وَعَلَيْهَا مِثْلُ مَا عَلَى الْحُرَّةِ إِذَا كَانَتْ مُحْصَنَةً بِالزَّوْجِ وَالْإِسْلَامِ.

فَلَمَّا وَجَبَ النِّصْفُ في حَالِ الإِحْصَانِ عَلِمْنَا أَنَّ الرَّجْمَ لَا يَجِبُ عَلَيْهَا لِأَنَّهُ لَا يَتَنَصَّفُ.

وَإِذَا ثَبَتَ هَذَا فِي الْأَمَةِ، فَالْعَبْدُ مِثْلُ ذَلِكَ لِأَنَّ الْمَعْنَى الْمُوجِبَ لِنُقْصَانِ الْحَدِّ فِي حَقِّ الْأَمَةِ هُوَ الرِّقُ وَذَلِكَ مَوْجُودٌ فِي الْعَبْدِ. (٤)

* * *


(١) يُنظر: "السنن الكبرى" (٨/ ٤٢١ - ٤٢٥).
(٢) سورة "النساء"، آية (٢٥).
(٣) يُنظر: "تفسير القرطبي" (٥/ ١٤٤).
(٤) يُنظر: "إعلام العالم بعد رسوخه بناسخ الحديث ومنسوخه" (١/ ٤١٩). ومن رام المزيد، فليُراجع - مأجوراً مشكورًا غير مأمور -: "الاستذكار" لابن عبد البر ٧/ ٥٠٥، و"التمهيد" له أيضًا ٩/ ٩٨، و"تفسير ابن جرير الطبري" ٨/ ١٩٥ - ٢٠٤، "تفسير ابن أبي حاتم" ٣/ ٩٢٣، "تفسير القرطبي" ٥/ ١٤٣، "تفسير ابن كثير" ٢/ ٢٦١ - ٢٦٦، وفيه أطال وأجاد رحمه الله.

<<  <  ج: ص:  >  >>