للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:
مسار الصفحة الحالية:

العوالي" (٢١٣)، مِنْ طريق أحمد بن بَكْرٍ أبي سعيد البَالِسِيّ، قال: حَدَّثَنا محمد بن مُصْعَبٍ القَرْقَسَانِيُّ، حدَّثنا إِسْرَائِيلُ بن يونس؛ والدَّارقطني في "سننه" (٣٤٢)، مِنْ طريق الحسن بن صالح؛ والدَّارقطني في "سننه" (٣٤٣)، مِنْ طريق عليّ بن يونس عن إبراهيم بن طَهْمان؛ ثلاثتهم (إسرائيل، والحسن، وإبراهيم)، عن جَابِرٍ بن يزيد الجُعْفيّ، عن عَطَاءٍ، عن ابن عَبَّاسٍ، قال: قال رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم -: "إِذَا تَوَضَّأَ أَحَدُكُمْ فَلْيَتَمَضْمَضْ، وَلْيَسْتَنْشِقْ، والأُذنان مِنَ الرَّأْسِ". وفي رواية الحسن بن صالح: «وَلْيَسْتَنْثِرْ».

قال ابن عدي: وهذا الحديثُ لا يُعْرَفُ إلا بأحمد بن بَكْرٍ، وقال فيه: روى مناكير عن الثقات.

- بينما أخرجه الدَّارقطني في "سننه" (٣٤٤)، مِنْ طريق الحكم بن عَبْدِ اللَّهِ أبي مُطِيعٍ الخراسانيّ، عن إبراهيم بن طَهْمَان، عن جَابِرٍ بن يزيد الجُعْفيّ، عن عَطَاءٍ، قال: قال رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم -: «إِنَّ الْمَضْمَضَةَ والاسْتِنْشَاقَ مِنْ وَظِيفَةِ الْوُضُوءِ لا يَتِمُّ الْوُضُوءُ إِلا بِهِمَا، وَالأُذُنَانِ مِنَ الرَّأْسِ».

قال الدارقطني: جَابِرٌ ضَعِيفٌ، وَاخْتُلِفَ عَنْهُ؛ فَأَرْسَلَهُ إبراهيم بن طَهْمَانَ، عن جَابِرٍ، عن عَطَاءٍ، وهو أَشْبَهُ بِالصَّوَابِ.

• ورواه عبد الملك بن عبد العزيز بن جُرَيج، واختُلف عنه:

- فأخرجه ابن عدي في "الكامل" (٤/ ٣٥)، والدارقطني في "سننه" (٣٣٣ و ٣٣٤)، وأبو نُعيم في "الحلية" (٨/ ٢٨١)، مِنْ طُرُقٍ عن الرَّبيع بن بَدْرٍ، وابن عدي في "الكامل" (٤/ ٣٥ و ٥/ ٣٢٧)، وابن شاهين في "حديثه" (١٠) - برواية ابن المهتدي، مطبوع ضمن مجموع فيه مصنفات أبي حفص ابن شاهين -، والدَّارقطني في "سننه" (٣٣١ و ٣٣٢)، مِنْ طريق أبي كامل فُضَيل بن حُسين الجَحْدريّ، قال: حَدَّثَنا غندر، كلاهما (الربيع، وغُنْدر)، عن ابن جُرَيْجٍ، عن عطاءٍ، عن ابن عَبَّاس، قَال رَسُول اللهِ - صلى الله عليه وسلم -: "مَضْمِضُوا، وَاسْتَنْشِقُوا، وَالأُذُنَانِ مِنْ الرَأْسِ". ورواية غُنْدَر بقوله: " الأُذُنَانِ مِنَ الرَّأْسِ" فقط.

وقال ابن عدي: وهذا عن ابن جُرَيجٍ لا يرويه غير الربيع بن بدر، وغُنْدَر صاحب شُعْبَة، ومن حديث غندر ليس بالمحفوظ. وقال: وعامة أحاديث الربيع ورواياته مِمَّا لا يُتابعه أحدٌ عليه. وقال ابنُ عَدِي أيضًا، وابن شاهين: قال أبو كامل: لم أكتب عن غُنْدَر غير هذا الحديث، أفادني عنه عَبد اللَّه بن سلمة الأفطس، وهذا الحديث لا أعلم يروه عن غندر بهذا الإسناد غير أبي كامل.

وقال ابن شاهين: تَفَرَّدَ بهذا الحديثِ ابْنُ جُرَيْجٍ، حَدَّثَ به عَنْهُ غُنْدَرٌ، وقيل: الرَّبِيعُ بن بَدْرٍ.

وقال الدَّارقطني: تَفَرَّدَ به أبو كَامِلٍ، عن غُنْدَرٍ، وَوُهِمَ عَلَيْهِ فيه، تَابَعَهُ الرَّبِيعُ بن بَدْرٍ وهو "مَتْرُوكٌ"، عن ابن جُرَيْجٍ، والصَّوَابُ عن ابْنِ جُرَيْجٍ، عَنْ سُلَيْمَانَ بن مُوسَى، عن النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - مُرْسَلًا. (١)


(١) لكن تعقبه ابن الجوزي في "التحقيق في أحاديث الخلاف" (١/ ١٦٤)، فقال: أَبُو كَامِلٍ لَا نَعْلَمُ أَحَدًا طَعَنَ فِيهِ، وَالرَّفْعُ زِيَادَةٌ، وَالزِّيَادَةُ مِنَ الثِّقَةِ مَقْبُولَةٌ، كَيْفَ وَقَدْ وَافَقَهُ غَيْرُهُ، فَإِنْ لَمْ يُعْتَدَّ بِرِوَايَةِ الْمُوَافِقِ اعْتُبِرَ بِهَا، ومن عَادَةِ الْمُحَدِّثِينَ أَنَّهُمْ إِذَا رَأَوْا مَنْ وَقَفَ الْحَدِيثَ وَمَنْ رَفَعَهُ وقفو مَعَ الْوَاقِفِ احْتِيَاطًا، وَلَيْسَ هَذَا مَذْهَبُ الْفُقَهَاءِ، وَمِنَ الْمُمْكِنِ أَنْ يَكُونَ ابْنُ جُرَيْجٍ سَمِعَهُ مِنْ عَطَاءٍ مَرْفُوعًا، وَقَدْ رَوَاهُ لَهُ سُلَيْمَانُ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - غَيْرَ مُسْنَدٍ.
وتبعه كذلك ابن القطان في "الوهم والإيهام" (٥/ ٢٦٣)، فقال: هَذَا الْإِسْنَاد صَحِيح بِثِقَة رَاوِيه واتصاله، وَإِنَّمَا أعله الدَّارَقُطْنِيّ بِالِاضْطِرَابِ فِي إِسْنَاده، وَهُوَ لَيْسَ بِعَيْب فِيهِ؛ وَالَّذِي قَالَ فِيهِ الدَّارَقُطْنِيّ: هُوَ أَن أَبَا كَامِل تفرد بِهِ عَن غنْدر، وَوهم فِيهِ عَلَيْهِ، هَذَا مَا قَالَ، وَلم يُؤَيّدهُ بِشَيْء وَلَا عضده بِحجَّة، غير أَنه ذكر أَن ابْن جريح الَّذِي دَار الحَدِيث عَلَيْهِ، يرْوى عَنهُ عَن سُلَيْمَان بن مُوسَى عَن النَّبِي - صلى الله عليه وسلم - مُرْسلا. وَمَا أَدْرِي مَا الَّذِي يمْنَع أَن يكون عِنْده فِي ذَلِك حديثان: مُسْند ومرسل؟!

وذكر ابن عبد الهادي في "تنقيح التحقيق" (١/ ٢٠٦ - ٢٠٧) نص كلام ابن القطان، وعقب عليه بقوله: هذا فيه نظرٌ كثير. ثُمَّ قال: وهذه الطَريقة التي سلكها المؤلف - يقصد ابن الجوزي - ومن تابعه (في أنَّ الأخذ بالمرفوع في كل موضعِ) طريقةٌ ضعيفةٌ، لم يسلكها أحد من المحققين وأئمة العلل في الحديث.
وقال الذهبي في "تنقيح التحقيق" (١/ ٦٠) - بعد أن ذكر كلام ابن الجوزي -: هذا كلام من لا شَمَّ العلل.
وقال الحافظ ابن حجر في "إتحاف المهرة" (٧/ ٤٠٤/٨٠٦٧) - بعد أن نقل كلام ابن القطان -: لَكِنْ فِي سَمَاعِ أَهْلِ الْبَصْرَةِ مِنَ ابْنِ جُرَيْجٍ نَظَرٌ، وَمِنْهُمْ غُنْدَرٌ، فَرِوَايَةُ مَنْ رَوَاهُ عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ، عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ مُوسَى سَالِمَةٌ مِنْ هَذِهِ الْعِلَّةِ، فَلِهَذَا رَجَّحَهَا الدَّارَقُطْنِيُّ، وَاللَّهُ أَعْلَمُ. وزاد في "النكت" (١/ ٤١٢): أن أبا كامل قال - فيما رواه أحمد بن عدي عنه -: لم أكتب عن غُنْدَر إلا هذا الحديث أفادنيه عنه عبد الله بن سلمة الأفطس. والأفطس ضعيفٌ جدًا، فلَعَلَّه أدخله على أبي كامل. وقال في "النكت" أيضًا (١/ ٤١٣) - بعد أن ذكر علة هذا الحديث، وتصحيح ابن القطان وابن دقيق العيد -: وليس بجيد، لأن فيه العلة التي وصفناها، والشذوذ، فلا يحكم له بالصحة، كما تَقَرَّر - والله أعلم -.
قلت: وما قاله ابن القطان مِن أنَّ الدارقطني لم يذكر حجته، غير صواب؛ فلقد ساق الدَّارقطني الحديث مِن طريق ستة مِن الرواة كلهم رووه عن ابن جريج عن سُليمان بن موسى مُرسلاً. وعليه فالوجه المرفوع عن ابن جُريج "شاذٌ" لمخالفة غُندر لما رواه عامة الثقات عن ابن جريج مُرسلاً، مع تفرَّد أبو كامل به عن غُندر.
قلتُ: لذا قال البيهقي كما في "مختصر خلافيات البيهقي" (١/ ١٩٨) - بعد أن ذكر الخلاف في الحديث عن ابن جريج -: وَهَؤُلَاء الَّذين وصلوا هَذَا الْإِسْنَاد: تَارَةً عن ابن جريجٍ، عن عطاءٍ، عن ابْن عَبَّاس، وَتارَةً عن ابن جريج، عن سُلَيْمَان، عن الزُّهْرِيّ، عن عُرْوَة، عن عَائِشَة - وغير ذلك مِمَّا سبق ذِكْرِنَا لَهُ -، لَيْسُوا مِنْ أهل الصِدْق والعَدَالَة بِحَيْثُ إذا تَفَرَّدوا بِشَيْء يُقْبَل ذَلِك مِنْهُم، أَو جَازَ الاحْتِجَاج بهم، فكيف إِذا خالفوا الثِّقَات، وباينوا الأَثْبَات، وعمدوا إلى المُعْضِلات فَجَوَّدَوها، وقصدوا إلى المَرَاسِيل والموقوفات فأسندوها، والزِّيَادَة إِنَّمَا هِيَ مَقْبُولَة عن المَعْرُوف بِالْعَدَالَةِ، وَالمَشْهُور بِالصّدقِ وَالْأَمَانَة، دون من كَانَ مَشْهُورًا بِالْكَذِبِ والخيانة، أَو مَنْسُوبا إِلَى نوع من الْجَهَالَة، وَقد رُوِيَ عن الثَّوْريّ عَن ابْن جريج عَن سُلَيْمَان بن مُوسَى، قال: قال رَسُول الله - صلى الله عليه وسلم -. وهذا هو الصَّوَاب، وَبِغير ذَلِك لَا تثبت الْحجَّة عندنَا. ووافقه الحافظ ابن حجر كما في "التلخيص الحبير" (١/ ١٦٠)، و"الدراية في تخريج أحاديث الهداية" (١/ ٢١/١٠).

<<  <  ج: ص:  >  >>