أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدٍ ثنا أَحْمَدُ بْنُ عَلِيٍّ ثنا مُسْلِمُ بْنُ الْحَجَّاجِ ثنا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ، وَزُهَيْرُ بْنُ حَرْبٍ كِلَاهُمَا عَنْ سُفْيَانَ بْنِ عُيَيْنَةَ ثنا عَمْرُو بْنُ دِينَارٍ عَنْ أَبِي مَعْبَدٍ، هُوَ مَوْلَى ابْنِ عَبَّاسٍ - قَالَ: سَمِعْت ابْنَ عَبَّاسٍ يَقُولُ: سَمِعْت رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَقُولُ: «لَا يَخْلُوَنَّ رَجُلٌ بِامْرَأَةٍ إلَّا وَمَعَهَا ذُو مَحْرَمٍ، وَلَا تُسَافِرُ الْمَرْأَةُ إلَّا مَعَ ذِي مَحْرَمٍ» .
فَعَمَّ ابْنُ عَبَّاسٍ فِي رِوَايَتِهِ كُلَّ سَفَرٍ دُونَ الْيَوْمِ وَدُونَ الْبَرِيدِ وَأَكْثَرَ مِنْهُمَا، وَكُلُّ سَفَرٍ قَلَّ أَوْ طَالَ فَهُوَ عَامٌّ لِمَا فِي سَائِرِ الْأَحَادِيثِ وَكُلُّ مَا فِي سَائِرِ الْأَحَادِيثِ فَهُوَ بَعْضُ مَا فِي حَدِيثِ ابْنِ عَبَّاسٍ هَذَا فَهُوَ الْمُحْتَوِي عَلَى جَمِيعِهَا، وَالْجَامِعُ لَهَا كُلِّهَا، وَلَا يَنْبَغِي أَنْ يَتَعَدَّى مَا فِيهِ إلَى غَيْرِهِ، فَسَقَطَ قَوْلُ مَنْ تَعَلَّقَ بِالْيَوْمِ أَيْضًا - وَبِاَللَّهِ تَعَالَى التَّوْفِيقُ.
ثُمَّ نَظَرْنَا فِي قَوْلِ مَنْ حَدَّ ذَلِكَ بِالثَّلَاثِ فَوَجَدْنَاهُمْ يَتَعَلَّقُونَ بِذِكْرِ الثَّلَاثِ فِي هَذَا الْحَدِيثِ وَبِمَا صَحَّ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مِنْ قَوْلِهِ فِي الْمَسْحِ «لِلْمُسَافِرِ ثَلَاثًا بِلَيَالِيِهِنَّ، وَلِلْمُقِيمِ يَوْمًا وَلَيْلَةً» لَمْ نَجِدْهُمْ مَوَّهُوا بِغَيْرِ هَذَا أَصْلًا
قَالَ عَلِيٌّ: وَقَالُوا: مَنْ تَعَلَّقَ بِالثَّلَاثِ كَانَ عَلَى يَقِينٍ مِنْ الصَّوَابِ، لِأَنَّهُ إنْ كَانَ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - ذَكَرَ نَهْيَهُ عَنْ سَفَرِهَا ثَلَاثًا قَبْلَ نَهْيِهِ عَنْ سَفَرِهَا يَوْمًا أَوْ أَقَلَّ مِنْ يَوْمٍ -: فَالْخَبَرُ الَّذِي ذُكِرَ فِيهِ الْيَوْمُ هُوَ الْوَاجِبُ أَنْ يُعْمَلَ بِهِ، وَيَبْقَى نَهْيُهُ عَنْ سَفَرِهَا ثَلَاثًا غَيْرَ مَنْسُوخٍ، بَلْ ثَابِتٌ كَمَا كَانَ.
وَإِنْ كَانَ ذُكِرَ نَهْيُهُ عَنْ سَفَرِهَا ثَلَاثًا بَعْدَ نَهْيِهِ عَنْ سَفَرِهَا يَوْمًا أَوْ أَقَلَّ مِنْ يَوْمٍ -: فَنَهْيُهُ عَنْ السَّفَرِ ثَلَاثًا هُوَ النَّاسِخُ لِنَهْيِهِ إيَّاهَا عَنْ السَّفَرِ أَقَلَّ مِنْ ثَلَاثٍ؟ قَالُوا: فَنَحْنُ عَلَى يَقِينٍ مِنْ صِحَّةِ حُكْمِ النَّهْيِ عَنْ السَّفَرِ ثَلَاثًا إلَّا مَعَ ذِي مَحْرَمٍ وَعَلَى شَكٍّ مِنْ صِحَّةِ النَّهْيِ لَهَا عَمَّا دُونَ الثَّلَاثِ، فَلَا يَجُوزُ أَنْ يُتْرَكَ الْيَقِينُ لِلشَّكِّ قَالَ عَلِيٌّ: وَهَذَا تَمْوِيهٌ فَاسِدٌ مِنْ وُجُوهٍ ثَلَاثَةٍ -:
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute