أَحَدُهَا: أَنَّهُ قَدْ جَاءَ النَّهْيُ أَنْ تُسَافِرَ أَكْثَرَ مِنْ ثَلَاثٍ.
رُوِّينَا ذَلِكَ مِنْ طُرُقٍ كَثِيرَةٍ فِي غَايَةِ الصِّحَّةِ عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ عَنْ نَافِعٍ عَنْ ابْنِ عُمَرَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «لَا تُسَافِرُ الْمَرْأَةُ فَوْقَ ثَلَاثٍ إلَّا وَمَعَهَا ذُو مَحْرَمٍ» .
وَمِنْ طَرِيقِ قَتَادَةَ عَنْ قَزَعَةَ عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ: «لَا تُسَافِرُ الْمَرْأَةُ فَوْقَ ثَلَاثِ لَيَالٍ إلَّا مَعَ ذِي مَحْرَمٍ» .
وَمِنْ طَرِيقِ أَبِي مُعَاوِيَةَ، وَوَكِيعٍ عَنْ الْأَعْمَشِ عَنْ أَبِي صَالِحٍ السَّمَّانِ عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «لَا يَحِلُّ لِامْرَأَةٍ تُؤْمِنُ بِاَللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ أَنْ تُسَافِرَ سَفَرًا فَوْقَ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ فَصَاعِدًا إلَّا وَمَعَهَا أَخُوهَا أَوْ أَبُوهَا أَوْ زَوْجُهَا أَوْ ابْنُهَا، أَوْ ذُو مَحْرَمٍ مِنْهَا» .
فَإِنْ كَانَ ذِكْرُ الثَّلَاثِ فِي بَعْضِ الرِّوَايَاتِ مُخْرِجًا لِمَا دُونَ الثَّلَاثِ، مِمَّا قَدْ ذُكِرَ أَيْضًا فِي بَعْضِ الرِّوَايَاتِ، عَنْ حُكْمِ الثَّلَاثِ -: فَإِنَّ ذِكْرَ مَا فَوْقَ الثَّلَاثِ فِي هَذِهِ الرِّوَايَاتِ مُخْرِجٌ لِلثَّلَاثِ أَيْضًا، وَإِنْ ذُكِرَتْ فِي بَعْضِ الرِّوَايَاتِ عَنْ حُكْمِ مَا فَوْقَ الثَّلَاثِ، وَإِلَّا فَالْقَوْمُ مُتَلَاعِبُونَ مُتَحَكِّمُونَ بِالْبَاطِلِ؟ وَيَلْزَمُهُمْ أَنْ يَقُولُوا: إنَّهُمْ عَلَى يَقِينٍ مِنْ صِحَّةِ حُكْمِ مَا فَوْقَ الثَّلَاثِ وَبَقَائِهِ غَيْرَ مَنْسُوخٍ، وَعَلَى شَكٍّ مِنْ صِحَّةِ بَقَاءِ النَّهْيِ عَنْ الثَّلَاثِ، كَمَا قَالُوا فِي الثَّلَاثِ وَفِيمَا دُونَهَا سَوَاءٌ بِسَوَاءٍ وَلَا فَرْقَ فَقَالُوا: لَمْ يُفَرِّقْ أَحَدٌ بَيْنَ الثَّلَاثِ وَبَيْنَ مَا فَوْقَ الثَّلَاثِ؟ فَقِيلَ لَهُمْ: قُلْتُمْ بِالْبَاطِلِ، قَدْ صَحَّ عَنْ عِكْرِمَةَ أَنَّ حَدَّ مَا تُسَافِرُ الْمَرْأَةُ فِيهِ بِأَكْثَرَ مِنْ ثَلَاثٍ لَا بِثَلَاثٍ.
فَكَيْفَ؟ وَلَا يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ قَوْلٌ قَالَهُ رَجُلَانِ مِنْ التَّابِعِينَ، وَرَجُلَانِ مِنْ فُقَهَاءِ الْأَمْصَارِ، وَاخْتُلِفَ فِيهِ عَنْ وَاحِدٍ مِنْ الصَّحَابَةِ قَدْ خَالَفَهُ غَيْرُهُ مِنْهُمْ فَمَا يَعُدُّهُ إجْمَاعًا إلَّا
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute