مَنْ لَا دِينَ لَهُ وَلَا حَيَاءَ فَكَيْفَ؟ وَإِذْ قَدْ جَاءَ عَنْ ابْنِ عُمَرَ أَنَّهُ عَدَّ اثْنَيْنِ وَسَبْعِينَ مِيلًا إلَى السُّوَيْدَاءِ مَسِيرَةَ ثَلَاثٍ، فَإِنَّ تَحْدِيدَهُ الَّذِي رُوِيَ عَنْهُ: أَنْ لَا قَصْرَ فِيمَا دُونَهُ لِسِتَّةٍ وَتِسْعِينَ مِيلًا -: مُوجِبٌ أَنَّ هَذَا أَكْثَرُ مِنْ ثَلَاثٍ، لِأَنَّ بَيْنَ الْعَدَدَيْنِ أَرْبَعَةً وَعِشْرِينَ مِيلًا، وَمُحَالٌ كَوْنُ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْ هَذَيْنِ الْعَدَدَيْنِ ثَلَاثًا مُسْتَوِيَةً
وَالْوَجْهُ الثَّانِي: أَنَّهُ قَدْ عَارَضَ هَذَا الْقَوْلَ قَوْلُ مَنْ حَدَّ بِالْيَوْمِ الْوَاحِدِ، وَقَوْلُهُمْ: نَحْنُ عَلَى يَقِينٍ مِنْ صِحَّةِ اسْتِعْمَالِنَا نَهْيَهُ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - عَنْ سَفَرِهَا يَوْمًا وَاحِدًا مَعَ غَيْرِ ذِي مَحْرَمٍ وَنَهْيَهَا عَنْ أَكْثَرَ مِنْ ذَلِكَ، لِأَنَّهُ إنْ كَانَ النَّهْيُ عَنْ سَفَرِهَا ثَلَاثًا هُوَ الْأَوَّلُ أَوْ هُوَ الْآخِرُ، فَإِنَّهَا مَنْهِيَّةٌ أَيْضًا عَنْ الْيَوْمِ، وَلَيْسَ تَأْخِيرُ نَهْيِهَا عَنْ الثَّلَاثِ بِنَاسِخٍ لِمَا تَقَدَّمَ مِنْ نَهْيِهِ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - عَمَّا دُونَ الثَّلَاثِ، وَأَنْتُمْ عَلَى يَقِينٍ مِنْ مُخَالَفَتِكُمْ لِنَهْيِهِ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - لَهَا عَمَّا دُونَ الثَّلَاثِ، وَخِلَافُ أَمْرِهِ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - بِغَيْرِ يَقِينٍ لِلنَّسْخِ لَا يَحِلُّ، فَتَعَارَضَ الْقَوْلَانِ وَالثَّالِثُ: أَنَّ حَدِيثَ ابْنِ عَبَّاسٍ الَّذِي ذَكَرْنَا: قَاضٍ عَلَى جَمِيعِ هَذِهِ الْأَحَادِيثِ، وَكُلُّهَا بَعْضُ مَا فِيهِ، فَلَا يَجُوزُ أَنْ يُخَالِفَ مَا فِيهِ أَصْلًا؟ لِأَنَّ مَنْ عَمِلَ بِهِ فَقَدْ عَمِلَ بِجَمِيعِ الْأَحَادِيثِ الْمَذْكُورَةِ، وَمَنْ عَمِلَ بِشَيْءٍ مِنْ تِلْكَ الْأَحَادِيثِ - دُونَ سَائِرِهَا - فَقَدْ خَالَفَ نَهْيَ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، وَهَذَا لَا يَجُوزُ؟
قَالَ عَلِيٌّ: ثُمَّ لَوْ لَمْ تَتَعَارَضْ الرِّوَايَاتُ فَإِنَّهُ لَيْسَ فِي الْحَدِيثِ الَّذِي فِيهِ نَهْيُ الْمَرْأَةِ عَنْ سَفَرِ مُدَّةٍ مَا إلَّا مَعَ ذِي مَحْرَمٍ، وَلَا فِي الْحَدِيثِ الَّذِي فِيهِ مُدَّةُ مَسْحِ الْمُسَافِرِ وَالْمُقِيمِ -: ذِكْرٌ أَصْلًا - لَا بِنَصٍّ وَلَا بِدَلِيلٍ - عَلَى الْمُدَّةِ الَّتِي يَقْصُرُ فِيهَا وَيُفْطِرُ، وَلَا يَقْصُرُ، وَلَا يُفْطِرُ فِي أَقَلَّ مِنْهَا.
وَمِنْ الْعَجَبِ أَنَّ اللَّهَ تَعَالَى -: ذَكَرَ الْقَصْرَ فِي الضَّرْبِ فِي الْأَرْضِ مَعَ الْخَوْفِ.
وَذَكَرَ الْفِطْرَ فِي السَّفَرِ وَالْمَرَضِ؟ وَذَكَرَ التَّيَمُّمَ عِنْدَ عَدَمِ الْمَاءِ فِي السَّفَرِ وَالْمَرَضِ -:
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute