فَجَعَلَ هَؤُلَاءِ حُكْمَ نَهْيِ الْمَرْأَةِ عَنْ السَّفَرِ إلَّا مَعَ ذِي مَحْرَمٍ، وَحُكْمُ مَسْحِ الْمُسَافِرِ -: دَلِيلٌ عَلَى مَا يَقْصُرُ فِيهِ وَيُفْطِرُ، دُونَ مَا لَا قَصْرَ فِيهِ وَلَا فِطْرَ، وَلَمْ يَجْعَلُوهُ دَلِيلًا عَلَى السَّفَرِ الَّذِي يَتَيَمَّمُ فِيهِ مِنْ السَّفَرِ الَّذِي لَا يُتَيَمَّمُ فِيهِ؟ فَإِنْ قَالُوا: قِسْنَا مَا تُقْصَرُ فِيهِ الصَّلَاةُ، وَمَا لَا تُقْصَرُ فِيهِ عَلَى مَا تُسَافِرُ فِيهِ الْمَرْأَةُ مَعَ غَيْرِ ذِي مَحْرَمٍ، وَمَا لَا تُسَافِرُهُ، وَعَلَى مَا يَمْسَحُ فِيهِ الْمُقِيمُ، وَمَا لَا يَمْسَحُ؟ قُلْنَا لَهُمْ: وَلِمَ فَعَلْتُمْ هَذَا؟ وَمَا الْعِلَّةُ الْجَامِعَةُ بَيْنَ الْأَمْرَيْنِ؟ أَوْ مَا الشَّبَهُ بَيْنَهُمَا؟ وَهَلَّا قِسْتُمْ الْمُدَّةَ الَّتِي إذَا نَوَى إقَامَتَهَا الْمُسَافِرُ أَتَمَّ عَلَى ذَلِكَ أَيْضًا؟ وَمَا يَعْجِزُ أَحَدٌ أَنْ يَقِيسَ بِرَأْيِهِ حُكْمًا عَلَى حُكْمٍ آخَرَ وَهَلَّا قِسْتُمْ مَا يَقْصُرُ فِيهِ عَلَى مَا لَا يَتَيَمَّمُ فِيهِ؟ فَهُوَ أَوْلَى إنْ كَانَ الْقِيَاسُ حَقًّا، أَوْ عَلَى مَا أَبَحْتُمْ فِيهِ لِلرَّاكِبِ التَّنَفُّلَ عَلَى دَابَّتِهِ.
ثُمَّ نَقُولُ لَهُمْ: أَخْبِرُونَا عَنْ قَوْلِكُمْ: إنْ سَافَرَ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ قَصَرَ وَأَفْطَرَ، وَإِنْ سَافَرَ أَقَلَّ لَمْ يَقْصُرْ وَلَمْ يُفْطِرْ -: مَا هَذِهِ الثَّلَاثَةُ الْأَيَّامُ؟ أَمِنْ أَيَّامِ حُزَيْرَانَ؟ أَمْ مِنْ أَيَّامِ كَانُونَ الْأَوَّلِ فَمَا بَيْنَهُمَا؟ وَهَذِهِ الْأَيَّامُ الَّتِي قُلْتُمْ، أَسَيْرُ الْعَسَاكِرِ؟ أَمْ سَيْرُ الرِّفَاقِ عَلَى الْإِبِلِ، أَوْ عَلَى الْحَمِيرِ، أَوْ عَلَى الْبِغَالِ، أَمْ سَيْرُ الرَّاكِبِ الْمُجِدِّ؟ أَمْ سَيْرُ الْبَرِيدِ؟ أَمْ مَشْيُ الرَّجَّالَةِ.
وَقَدْ عَلِمْنَا يَقِينًا أَنَّ مَشْيَ الرَّاجِلِ الشَّيْخِ الضَّعِيفِ فِي وَحْلٍ وَوَعِرٍ، أَوْ فِي حَرٍّ شَدِيدٍ -: خِلَافُ مَشْيِ الرَّاكِبِ عَلَى الْبَغْلِ الْمُطِيقِ فِي الرَّبِيعِ فِي السَّهْلِ، وَأَنَّ هَذَا يَمْشِي فِي يَوْمٍ مَا لَا يَمْشِيهِ الْآخَرُ فِي عَشَرَةِ أَيَّامٍ؟ وَأَخْبِرُونَا عَنْ هَذِهِ الْأَيَّامِ: كَيْفَ هِيَ؟ أَمَشْيًا مِنْ أَوَّلِ النَّهَارِ إلَى آخِرِهِ؟ أَمْ إلَى وَقْتِ الْعَصْرِ، أَوْ بَعْدَ ذَلِكَ قَلِيلًا، أَوْ قَبْلَ ذَلِكَ قَلِيلًا؟ أَمْ النَّهَارُ وَاللَّيْلُ مَعًا؟ أَمْ كَيْفَ هَذَا وَأَخْبِرُونَا: كَيْفَ جَعَلْتُمْ هَذِهِ الْأَيَّامَ ثَلَاثًا وَسِتِّينَ مِيلًا عَلَى وَاحِدٍ وَعِشْرِينَ مِيلًا كُلَّ يَوْمٍ؟ وَلَمْ تَجْعَلُوهَا اثْنَيْنِ وَسَبْعِينَ مِيلًا عَلَى أَرْبَعَةٍ وَعِشْرِينَ مِيلًا كُلَّ يَوْمٍ؟ أَوْ اثْنَيْنِ وَثَلَاثِينَ مِيلًا كُلَّ يَوْمٍ؟ أَوْ عِشْرِينَ مِيلًا كُلَّ يَوْمٍ؟ أَوْ خَمْسَةً وَثَلَاثِينَ مِيلًا كُلَّ يَوْمٍ فَمَا بَيْنَ ذَلِكَ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute