ذَلِكَ لَكَانَ مُقِيمُ سَاعَةٍ لَهُ حُكْمُ الْإِقَامَةِ؟ وَكَذَلِكَ مَنْ وَرَدَ عَلَى ضَيْعَةٍ لَهُ، أَوْ مَاشِيَةٍ، أَوْ عَقَارٍ فَنَزَلَ هُنَالِكَ فَهُوَ مُقِيمٌ، فَلَهُ حُكْمُ الْإِقَامَةِ كَمَا قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ، إذْ لَمْ نَجِدْ نَصًّا فِي مِثْلِ هَذِهِ الْحَالِ يَنْقُلُهَا عَنْ حُكْمِ الْإِقَامَةِ.
وَهُوَ أَيْضًا قَوْلُ الزُّهْرِيِّ، وَأَحْمَدَ بْنِ حَنْبَلٍ.
وَلَمْ نَجِدْ عَنْهُ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - أَنَّهُ أَقَامَ يَوْمًا وَلَيْلَةً لَمْ يَرْحَلْ فِيهِمَا فَقَصَرَ وَأَفْطَرَ إلَّا فِي الْحَجِّ، وَالْعُمْرَةِ، وَالْجِهَادِ فَقَطْ، فَوَجَبَ بِذَلِكَ مَا ذَكَرْنَا مِنْ أَنَّ مَنْ أَقَامَ فِي خِلَالِ سَفَرِهِ يَوْمًا وَلَيْلَةً لَمْ يَظْعَنْ فِي أَحَدِهِمَا فَإِنَّهُ يُتِمُّ، وَيَصُومُ.
وَكَذَلِكَ مَنْ مَشَى لَيْلًا وَيَنْزِلُ نَهَارًا فَإِنَّهُ يَقْصُرُ بَاقِيَ لَيْلَتِهِ وَيَوْمِهِ الَّذِي بَيْنَ لَيْلَتَيْ حَرَكَتِهِ.
وَهَذَا قَوْلٌ رُوِيَ عَنْ رَبِيعَةَ.
وَنَسْأَلُ مَنْ أَبَى هَذَا عَنْ مَاشٍ فِي سَفَرٍ تُقْصَرُ فِيهِ الصَّلَاةُ عِنْدَهُمْ نَوَى إقَامَةً وَهُوَ سَائِرٌ لَا يَنْزِلُ وَلَا يَثْبُتُ -: اُضْطُرَّ لِشِدَّةِ الْخَوْفِ إلَى أَنْ يُصَلِّيَ فَرْضَهُ رَاكِبًا نَاهِضًا أَوْ يَنْزِلَ لِصَلَاةِ فَرْضِهِ ثُمَّ يَرْجِعَ إلَى الْمَشْيِ: أَيَقْصُرُ أَوْ يُتِمُّ؟ فَمِنْ قَوْلِهِمْ: يَقْصُرُ -: فَصَحَّ أَنَّ السَّفَرَ: هُوَ الْمَشْيُ.
ثُمَّ نَسْأَلُهُمْ عَمَّنْ نَوَى إقَامَةً وَهُوَ نَازِلٌ غَيْرُ مَاشٍ: أَيُتِمُّ أَمْ يَقْصُرُ؟ فَمِنْ قَوْلِهِمْ: يُتِمُّ، فَقَدْ صَحَّ أَنَّ الْإِقَامَةَ هِيَ السُّكُونُ لَا الْمَشْيُ مُتَنَقِّلًا.
وَهَذَا نَفْسُ قَوْلِنَا - وَلِلَّهِ تَعَالَى الْحَمْدُ؟
وَأَمَّا الْجِهَادُ، وَالْحَجُّ -: فَإِنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ رَبِيعٍ قَالَ: ثنا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ بْنِ السُّلَيْمِ ثنا ابْنُ الْأَعْرَابِيِّ ثنا أَبُو دَاوُد ثنا أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ ثنا عَبْدُ الرَّزَّاقِ أَنَا مَعْمَرٌ عَنْ يَحْيَى بْنِ أَبِي كَثِيرٍ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ ثَوْبَانَ عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ: «أَقَامَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بِتَبُوكِ عِشْرِينَ يَوْمًا يَقْصُرُ الصَّلَاةَ» .
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute