للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَمِنْ التَّابِعِينَ -: مَسْرُوقٌ، وَمِنْ الْفُقَهَاءِ -: الْحَسَنُ بْنُ حَيٍّ، وَحُمَيْدُ الرُّؤَاسِيُّ صَاحِبُهُ.

وَمِنْ جُمْلَتِهَا قَوْلٌ رُوِّينَاهُ عَنْ سَهْلِ بْنِ أَبِي حَثْمَةَ، رَجَعَ مَالِكٌ إلَى الْقَوْلِ بِهِ، بَعْدَ أَنْ كَانَ يَقُولُ بِبَعْضِ الْوُجُوهِ الَّتِي صَحَّتْ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَهُوَ: أَنْ يَصُفَّ الْإِمَامُ أَصْحَابَهُ طَائِفَتَيْنِ، إحْدَاهُمَا خَلْفَهُ، وَالثَّانِيَةُ مُوَاجِهَةٌ الْعَدُوَّ، فَيُصَلِّي الْإِمَامُ بِالطَّائِفَةِ الَّتِي مَعَهُ رَكْعَةً بِسَجْدَتَيْهَا، فَإِذَا قَامَ إلَى الرَّكْعَةِ الثَّانِيَةِ ثَبَتَ وَاقِفًا وَأَتَمَّتْ هَذِهِ الطَّائِفَةُ لِأَنْفُسِهَا الرَّكْعَةَ الَّتِي بَقِيَتْ عَلَيْهَا، ثُمَّ سَلَّمَتْ وَنَهَضَتْ فَوَقَفَتْ بِإِزَاءِ الْعَدُوِّ، وَالْإِمَامُ فِي كُلِّ ذَلِكَ وَاقِفٌ فِي الرَّكْعَةِ الثَّانِيَةِ، وَتَأْتِي الطَّائِفَةُ الثَّانِيَةُ الَّتِي لَمْ تُصَلِّ فَتَصُفَّ خَلْفَ الْإِمَامِ وَتُكَبِّرُ، فَيُصَلِّي بِهِمْ الرَّكْعَةَ الثَّانِيَةَ بِسَجْدَتَيْهَا، هِيَ لَهُمْ أُولَى، وَهِيَ لِلْإِمَامِ ثَانِيَةٌ، ثُمَّ يَجْلِسُ الْإِمَامُ وَيَتَشَهَّدُ وَيُسَلِّمُ، فَإِذَا سَلَّمَ قَامَتْ هَذِهِ الطَّائِفَةُ الثَّانِيَةُ فَقَضَتْ الرَّكْعَةَ الَّتِي لَهَا؟

قَالَ عَلِيٌّ: وَهَذَا الْعَمَلُ الْمَذْكُورُ - قَضَاءُ الطَّائِفَةِ الْأُولَى وَالْإِمَامُ وَاقِفٌ، وَقَضَاءُ الطَّائِفَةِ الثَّانِيَةِ بَعْدَ أَنْ يُسَلِّمَ الْإِمَامُ - لَمْ يَأْتِ قَطُّ جَمْعُ هَذَيْنِ الْقَضَاءَيْنِ عَلَى هَذِهِ الصِّفَةِ فِي شَيْءٍ مِمَّا صَحَّ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَصْلًا.

وَهُوَ خِلَافُ ظَاهِرِ الْقُرْآنِ؛ لِأَنَّهُ تَعَالَى قَالَ: {وَلْتَأْتِ طَائِفَةٌ أُخْرَى لَمْ يُصَلُّوا فَلْيُصَلُّوا مَعَكَ} [النساء: ١٠٢] وَلِأَنَّ الطَّائِفَةَ لَمْ تُصَلِّ بَعْضَ صَلَاتِهَا مَعَهُ، وَمَا كَانَ خِلَافًا لِظَاهِرِ الْقُرْآنِ دُونَ نَصٍّ مِنْ بَيَانِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: " فَلَا يَجُوزُ الْقَوْلُ بِهِ، وَلَيْسَ يُوجِبُ هَذَا الْقَوْلَ قِيَاسٌ، وَلَا نَظَرٌ ". وَلَيْسَ تَقْلِيدُ سَهْلِ بْنِ أَبِي حَثْمَةَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - بِأَوْلَى مِنْ تَقْلِيدِ مَنْ خَالَفَهُ مِنْ الصَّحَابَةِ، مِمَّنْ قَدْ ذَكَرْنَاهُ -: كَعَمْرٍو، وَابْنِ عَمْرٍو، وَأَبِي مُوسَى، وَجَابِرٍ، وَابْنِ عَبَّاسٍ، وَالْحَكَمِ بْنِ عَمْرٍو، وَحُذَيْفَةَ، وَثَعْلَبَةَ بْنِ زَهْدَمٍ، وَأَنَسٍ، وَعَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ سَمُرَةَ، وَغَيْرِهِمْ.

فَإِنْ قِيلَ: إنَّ سَهْلَ بْنَ أَبِي حَثْمَةَ رَوَى بَعْضَ تِلْكَ الْأَعْمَالِ وَخَالَفَهُ.

وَلَا يَجُوزُ أَنْ يُظَنَّ بِهِ أَنَّهُ خَالَفَ مَا حَضَرَ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إلَّا لِأَمْرٍ عَلِمَهُ هُوَ نَاسِخٌ لِمَا رَوَاهُ؟ قُلْنَا: هَذَا بَاطِلٌ، وَحُكْمٌ بِالظَّنِّ، وَتَرْكٌ لِلْيَقِينِ، وَإِضَافَةٌ إلَى الصَّاحِبِ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ -

<<  <  ج: ص:  >  >>