وَقَفْو مَا لَا عِلْمَ لِقَائِلِهِ بِهِ، هَذَا حَرَامٌ.
وَالثَّانِي أَنَّ ابْنَ مُغَفَّلٍ رَوَى النَّهْيَ عَنْ قَتْلِ الْكِلَابِ وَالْأَمْرَ بِغَسْلِ الْإِنَاء مِنْهَا سَبْعًا فِي خَبَرٍ وَاحِدٍ مَعًا، وَقَدْ ذَكَرْنَاهُ قَبْلُ. وَأَيْضًا فَإِنَّ الْأَمْرَ بِقَتْلِ الْكِلَابِ كَانَ فِي أَوَّلِ الْهِجْرَةِ، وَإِنَّمَا رَوَى غَسْلَ الْإِنَاءِ مِنْهَا سَبْعًا أَبُو هُرَيْرَةَ وَابْنُ مُغَفَّلٍ، وَإِسْلَامُهُمَا مُتَأَخِّرٌ.
وَقَالَ بَعْضُهُمْ: كَانَ الْأَمْرُ بِغَسْلِ الْإِنَاءِ سَبْعًا عَلَى وَجْهِ التَّغْلِيظِ.
قَالَ عَلِيٌّ: يُقَالُ لَهُمْ أَبِحَقٍّ أَمَرَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي ذَلِكَ وَبِمَا تَلْزَمُ طَاعَتُهُ فِيهِ؟ أَمْ أَمَرَ بِبَاطِلٍ وَبِمَا لَا مَئُونَةَ فِي مَعْصِيَتِهِ فِي ذَلِكَ؟ فَإِنْ قَالُوا بِحَقٍّ وَبِمَا تَلْزَمُ طَاعَتُهُ فِيهِ، فَقَدْ أَسْقَطُوا شَغَبَهُمْ بِذِكْرِ التَّغْلِيظِ.
وَأَمَّا الْقَوْلُ الْآخَرُ فَالْقَوْلُ بِهِ كُفْرٌ مُجَرَّدٌ لَا يَقُولُهُ مُسْلِمٌ.
وَقَالَ بَعْضُهُمْ: قَدْ جَاءَ أَثَرٌ بِأَنَّهُ إنَّمَا أَمَرَ بِقَتْلِهَا، لِأَنَّهَا كَانَتْ تُرَوِّعُ الْمُؤْمِنِينَ
قِيلَ لَهُ: لَسْنَا فِي قَتْلِهَا، إنَّمَا نَحْنُ فِي غَسْلِ الْإِنَاءِ مِنْ وُلُوغِهَا، مَعَ أَنَّ ذَلِكَ الْأَثَرَ لَيْسَ فِيهِ إلَّا ذِكْرُ قَتْلِهَا فَقَطْ، وَهُوَ أَيْضًا مَوْضُوعٌ؛ لِأَنَّهُ مِنْ رِوَايَةِ الْحُسَيْنِ بْنِ عُبَيْدِ اللَّهِ الْعِجْلِيِّ وَهُوَ سَاقِطٌ.
وَشَغَبَ بَعْضُهُمْ فَذَكَرَ الْحَدِيثَ الَّذِي فِيهِ الْمَغْفِرَةُ لِلْبَغِيِّ الَّتِي سَقَتْ الْكَلْبَ بِخُفِّهَا. قَالَ عَلِيٌّ: وَهَذَا عَجَبٌ جِدًّا؛ لِأَنَّ ذَلِكَ الْخَبَرَ كَانَ فِي غَيْرِنَا، وَلَا تَلْزَمُنَا شَرِيعَةُ مَنْ قَبْلَنَا. وَأَيْضًا فَمَنْ لَهُمْ أَنَّ ذَلِكَ الْخُفَّ شُرِبَ فِيهِ مَا بَعْدَ ذَلِكَ، وَأَنَّهُ لَمْ يُغْسَلْ، وَأَنَّ تِلْكَ الْبَغِيَّ عَرَفَتْ سُنَّةَ غَسْلِ الْإِنَاءِ مِنْ وُلُوغِ الْكَلْبِ؟ وَلَمْ تَكُنْ تِلْكَ الْبَغِيُّ نَبِيَّةً فَيُحْتَجُّ بِفِعْلِهَا، وَهَذَا كُلُّهُ دَفْعٌ بِالرَّاحِ وَخَبْطٌ يَجِبُ أَنْ يُسْتَحَى مِنْهُ.
وَيُجْزِئُ غَسْلُ مَنْ غَسَلَهُ وَإِنْ كَانَ غَيْرَ صَاحِبِهِ، لِقَوْلِهِ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - «فَاغْسِلُوهُ» فَهُوَ أَمْرٌ عَامٌّ.
قَالَ عَلِيٌّ: فَإِنْ أَنْكَرُوا عَلَيْنَا التَّفْرِيقَ بَيْنَ مَا وَلَغَ الْكَلْبُ فِيهِ وَبَيْنَ مَا أَكَلَ فِيهِ أَوْ وَقَعَ فِيهِ أَوْ أَدْخَلَ فِيهِ عُضْوًا مِنْ أَعْضَائِهِ غَيْرَ لِسَانِهِ.
قُلْنَا لَهُمْ: لَا نَكَرَةَ عَلَى مَنْ قَالَ مَا قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَلَمْ يَقُلْ مَا لَمْ يَقُلْ - عَلَيْهِ السَّلَامُ -، وَلَمْ يُخَالِفْ مَا أَمَرَهُ بِهِ نَبِيُّهُ - عَلَيْهِ السَّلَامُ -، وَلَا شَرْعَ مَا لَمْ يُشَرِّعْهُ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - فِي الدِّينِ، وَإِنَّمَا النَّكَرَةُ عَلَى مَنْ أَبْطَلَ الصَّلَاةَ بِمَا زَادَ عَلَى الدِّرْهَمِ الْبَغْلِيِّ فِي الثَّوْبِ مِنْ دَمِ الدَّجَاجِ فَأَبْطَلَ بِهِ الصَّلَاةَ، وَلَمْ