للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فَكُلُّ هَذِهِ آثَارٌ لَا تَصِحُّ، ثُمَّ لَوْ صَحَّتْ لَمَا كَانَ فِي شَيْءٍ مِنْهَا حُجَّةٌ، لِأَنَّهُ لَيْسَ فِي شَيْءٍ مِنْهَا إسْقَاطُ الْجُمُعَةِ عَنْ أَقَلَّ مِنْ الْعَدَدِ الْمَذْكُورِ؟ وَقَدْ رُوِيَ حَدِيثٌ سَاقِطٌ عَنْ رَوْحِ بْنِ غُطَيْفٍ - وَهُوَ مَجْهُولٌ «لَمَّا بَلَغُوا مِائَتَيْنِ جَمَّعَ بِهِمْ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -» فَإِنْ أَخَذُوا بِالْأَكْثَرِ فَهَذَا الْخَبَرُ هُوَ الْأَكْثَرُ، وَإِنْ أَخَذُوا بِالْأَقَلِّ فَسَنَذْكُرُ إنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى حَدِيثًا فِيهِ أَقَلُّ وَأَمَّا الشَّافِعِيُّ: فَإِنَّهُ احْتَجَّ بِخَبَرٍ صَحِيحٍ رُوِّينَاهُ مِنْ طَرِيقِ الزُّهْرِيِّ عَنْ ابْنِ كَعْبِ بْنِ مَالِكٍ عَنْ أَبِيهِ: أَنَّهُ إذَا سَمِعَ نِدَاءَ الْجُمُعَةِ تَرَحَّمَ عَلَى أَبِي أُمَامَةَ أَسْعَدَ بْنِ زُرَارَةَ، فَسَأَلَهُ ابْنُهُ عَنْ ذَلِكَ؟ فَقَالَ: إنَّهُ أَوَّلُ مَنْ جَمَعَ بِنَا فِي هَزْمِ حُرَّةُ بَنِي بَيَاضَةَ، فِي نَقِيعٍ يُعْرَفُ بِنَقِيعِ الْخَضِمَاتِ وَنَحْنُ يَوْمَئِذٍ أَرْبَعُونَ رَجُلًا.

قَالَ عَلِيٌّ: وَلَا حُجَّةَ لَهُ فِي هَذَا؛ لِأَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لَمْ يَقُلْ: إنَّهُ لَا تَجُوزُ الْجُمُعَةُ بِأَقَلَّ مِنْ هَذَا الْعَدَدِ، نَعَمْ وَالْجُمُعَةُ وَاجِبَةٌ بِأَرْبَعِينَ رَجُلًا وَبِأَكْثَرَ مِنْ أَرْبَعِينَ وَبِأَقَلَّ مِنْ أَرْبَعِينَ؟ وَاحْتَجَّ مَنْ قَالَ: بِقَوْلِ أَبِي يُوسُفَ بِمَا حَدَّثَنَاهُ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ رُبَيْعٍ ثنا مُحَمَّدُ بْنُ مُعَاوِيَةَ ثنا أَحْمَدُ بْنُ شُعَيْبٍ أَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ سَعِيدٍ عَنْ يَحْيَى هُوَ الْقَطَّانِ - عَنْ هِشَامٍ هُوَ الدَّسْتُوَائِيُّ - ثنا قَتَادَةُ عَنْ أَبِي نَضْرَةَ عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ عَنْ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ: «إذَا كَانُوا ثَلَاثَةً فَلْيَؤُمَّهُمْ أَحَدُهُمْ، وَأَحَقُّهُمْ بِالْإِمَامَةِ أَقْرَؤُهُمْ» . وَهَذَا خَبَرٌ صَحِيحٌ

، إلَّا أَنَّهُ لَا حُجَّةَ لَهُمْ فِيهِ، لِأَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لَمْ يَقُلْ: إنَّهُ لَا تَكُونُ جَمَاعَةٌ وَلَا جُمُعَةٌ بِأَقَلَّ مِنْ ثَلَاثَةٍ؟

<<  <  ج: ص:  >  >>