للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَمِنْ طَرِيقِ عَبْدِ الرَّزَّاقِ عَنْ مَعْمَرٍ عَنْ قَتَادَةَ: أَيُّمَا عَبْدٍ كَانَ يُؤَدِّي الْخَرَاجَ فَعَلَيْهِ أَنْ يَشْهَدَ الْجُمُعَةَ، فَإِنْ لَمْ يَكُنْ عَلَيْهِ خَرَاجٌ أَوْ شَغَلَهُ عَمَلُ سَيِّدِهِ فَلَا جُمُعَةَ عَلَيْهِ.

قَالَ عَلِيٌّ: الْفَرْقُ بَيْنَ عَبْدٍ عَلَيْهِ الْخَرَاجُ، وَبَيْنَ عَبْدٍ لَا خَرَاجَ عَلَيْهِ: دَعْوَى بِلَا بُرْهَانٍ فَقَدْ ظَهَرَ كَذِبُهُمْ فِي دَعْوَى الْإِجْمَاعِ

فَلَجَئُوا إلَى أَنْ قَالُوا: رُوِيَ عَنْ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ: لَا جُمُعَةَ عَلَى مُسَافِرٍ وَعَنْ أَنَسٍ: أَنَّهُ كَانَ بِنِيسَابُورَ سَنَةً أَوْ سَنَتَيْنِ فَكَانَ لَا يَجْمَعُ.

وَعَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ سَمُرَةَ: أَنَّهُ كَانَ بِكَابُلَ شِتْوَةً أَوْ شِتْوَتَيْنِ فَكَانَ لَا يَجْمَعُ.

قَالَ عَلِيٌّ: حَصَلْنَا مِنْ دَعْوَى الْإِجْمَاعِ عَلَى ثَلَاثَةٍ قَدْ خَالَفْتُمُوهُمْ أَيْضًا؛ لِأَنَّ عَبْدَ الرَّحْمَنِ، وَأَنَسًا - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا - كَانَا لَا يَجْمَعَانِ، وَهَؤُلَاءِ يَقُولُونَ: يَجْمَعُ الْمُسَافِرُ مَعَ النَّاسِ وَيُجْزِئُهُ.

وَرَأَى عَلِيٌّ أَنْ يَسْتَخْلِفَ بِالنَّاسِ مَنْ يُصَلِّي بِضُعَفَائِهِمْ صَلَاةَ الْعِيدِ فِي الْمَسْجِدِ أَرْبَعَ رَكَعَاتٍ، وَهُمْ لَا يَقُولُونَ: بِهَذَا.

وَهَذَا عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ يَرَى الْجُمُعَةَ عُمُومًا قَالَ عَلِيٌّ: قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا نُودِيَ لِلصَّلاةِ مِنْ يَوْمِ الْجُمُعَةِ فَاسْعَوْا إِلَى ذِكْرِ اللَّهِ وَذَرُوا الْبَيْعَ} [الجمعة: ٩]-: قَالَ عَلِيٌّ: فَهَذَا خِطَابٌ لَا يَجُوزُ أَنْ يَخْرُجَ مِنْهُ مُسَافِرٌ وَلَا عَبْدٌ بِغَيْرِ نَصٍّ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَكَذَلِكَ قَوْلُ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَحُكْمُهُ وَفِعْلُهُ أَنَّ صَلَاةَ الْخَوْفِ رَكْعَةٌ؟ وَأَمَّا إمَامَةُ الْمُسَافِرِ، وَالْعَبْدِ فِي الْجُمُعَةِ -: فَإِنَّ أَبَا حَنِيفَةَ، وَالشَّافِعِيَّ، وَأَبَا سُلَيْمَانَ، وَأَصْحَابَهُمْ قَالُوا: يَجُوزُ ذَلِكَ، وَمَنَعَ مَالِكٌ مِنْ ذَلِكَ -: وَهُوَ خَطَأٌ.

أَوَّلُ ذَلِكَ - قَوْلُهُ: إنَّ الْمُسَافِرَ وَالْعَبْدَ إذَا حَضَرَا الْجُمُعَةَ كَانَتْ لَهُمَا جُمُعَةٌ فَمَا الْفَرْقُ بَيْنَ هَذَا وَبَيْنَ جَوَازِ إمَامَتِهِمَا فِيهَا مَعَ قَوْلِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «وَلْيَؤُمَّكُمْ أَكْبَرُكُمْ» وَ «يَؤُمُّ الْقَوْمَ أَقْرَؤُهُمْ» ؟ فَلَمْ يَخُصَّ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - جُمُعَةً مِنْ غَيْرِهَا، وَلَا مُسَافِرًا، وَلَا عَبْدًا مِنْ حُرٍّ مُقِيمٍ، وَلَا جَاءَ قَطُّ عَنْ أَحَدٍ مِنْ الصَّحَابَةِ مَنْعُ الْعَبْدِ مِنْ الْإِمَامَةِ فِيهِمَا، بَلْ قَدْ صَحَّ أَنَّهُ كَانَ عَبْدٌ لِعُثْمَانَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - أَسْوَدُ مَمْلُوكٌ أَمِيرًا لَهُ عَلَى الرَّبَذَةَ يُصَلِّي خَلْفَهُ أَبُو ذَرٍّ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ -

<<  <  ج: ص:  >  >>