وَغَيْرُهُ مِنْ الصَّحَابَةِ الْجُمُعَةَ وَغَيْرَهَا؛ لِأَنَّ الرَّبَذَةَ بِهَا جُمُعَةٌ؟ وَأَمَّا قَوْلُنَا: كَانَ هُنَالِكَ سُلْطَانٌ أَوْ لَمْ يَكُنْ -: فَالْحَاضِرُونَ مِنْ مُخَالِفِينَا مُوَافِقُونَ لَنَا فِي ذَلِكَ إلَّا أَبَا حَنِيفَةَ، وَفِي هَذَا خِلَافٌ قَدِيمٌ؟ وَقَدْ قُلْنَا: لَا يَجُوزُ تَخْصِيصُ عُمُومِ أَمْرِ اللَّهِ تَعَالَى بِالتَّجْمِيعِ بِغَيْرِ نَصٍّ جَلِيٍّ وَلَا فَرْقَ بَيْنَ الْإِمَامِ فِي الْجُمُعَةِ وَالْجَمَاعَةِ فِيهَا وَبَيْنَ الْإِمَامِ فِي سَائِرِ الصَّلَوَاتِ وَالْجَمَاعَةِ فِيهَا، فَمِنْ أَيْنَ وَقَعَ لَهُمْ رَدُّ الْجُمُعَةِ خَاصَّةً إلَى السُّلْطَانِ دُونَ غَيْرِهَا؟ وَأَمَّا قَوْلُنَا: تُصَلَّى الْجُمُعَةُ فِي أَيِّ قَرْيَةٍ صَغُرَتْ أَمْ كَبُرَتْ -: فَقَدْ صَحَّ عَنْ عَلِيٍّ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ -: لَا جُمُعَةَ وَلَا تَشْرِيقَ إلَّا فِي مِصْرٍ جَامِعٍ، وَقَدْ ذَكَرْنَا خِلَافَ عُمَرَ لِذَلِكَ، وَخِلَافَهُمْ لِعَلِيٍّ فِي غَيْرِ مَا قِصَّةٍ.
وَقَالَ مَالِكٌ: لَا تَكُونُ الْجُمُعَةُ إلَّا فِي قَرْيَةٍ مُتَّصِلَةِ الْبُنْيَانِ؟ قَالَ عَلِيٌّ: هَذَا تَحْدِيدٌ لَا دَلِيلَ عَلَيْهِ، وَهُوَ أَيْضًا فَاسِدٌ، لِأَنَّ ثَلَاثَةَ دُورٍ قَرْيَةٌ مُتَّصِلَةُ الْبُنْيَانِ، وَإِلَّا فَلَا بُدَّ لَهُ مِنْ تَحْدِيدِ الْعَدَدِ الَّذِي لَا يَقَعُ اسْمُ قَرْيَةٍ عَلَى أَقَلَّ مِنْهُ، وَهَذَا مَا لَا سَبِيلَ إلَيْهِ.
وَقَالَ بَعْضُ الْحَنَفِيِّينَ: لَوْ كَانَ ذَلِكَ لَكَانَ النَّقْلُ بِهِ مُتَّصِلًا؟ فَيُقَالُ لَهُ: نَعَمْ قَدْ كَانَ ذَلِكَ، حَتَّى قَطَعَهُ الْمُقَلِّدُونَ بِضَلَالِهِمْ عَنْ الْحَقِّ، وَقَدْ شَاهَدْنَا جَزِيرَةَ " مَيُورْقَةَ " يَجْمَعُونَ فِي قُرَاهَا، حَتَّى قَطَعَ ذَلِكَ بَعْضُ الْمُقَلِّدِينَ لِمَالِكٍ، وَبَاءَ بِإِثْمِ النَّهْيِ عَنْ صَلَاةِ الْجُمُعَةِ.
وَرُوِّينَا أَنَّ ابْنَ عُمَرَ كَانَ يَمُرُّ عَلَى أَهْلِ الْمِيَاهِ وَهُمْ يَجْمَعُونَ فَلَا يَنْهَاهُمْ عَنْ ذَلِكَ.
وَعَنْ عُمَرَ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ: أَنَّهُ كَانَ يَأْمُرُ أَهْلَ الْمِيَاهِ أَنْ يَجْمَعُوا، وَيَأْمُرُ أَهْلَ كُلِّ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute