أَبْطَلَهَا، فَلَيْسَ حِينَئِذٍ فِي صَلَاةٍ، وَإِذَا لَمْ يَكُنْ فِي صَلَاةٍ فَبَيْعُهُ جَائِزٌ، وَإِنْ ظَنَّ أَنَّهُ لَيْسَ فِي صَلَاةٍ فَبَاعَ، أَوْ نَكَحَ، أَوْ أَنْكَحَ، أَوْ عَمِلَ مَا لَا يَجُوزُ فِي الصَّلَاةِ فَهُوَ كُلُّهُ بَاطِلٌ؛ لِأَنَّ الْحَالَ الَّتِي هُوَ فِيهَا مَانِعَةٌ مِنْ ذَلِكَ، وَهِيَ حَالٌ ثَابِتَةٌ، فَمَا ضَادَّهَا فَبَاطِلٌ.
وَكَذَلِكَ مَنْ بَاعَ، أَوْ نَكَحَ، أَوْ طَلَّقَ، أَوْ أَعْتَقَ، وَلَمْ يَبْقَ عَلَيْهِ مِنْ الْوَقْتِ إلَّا مِقْدَارُ إحْرَامِهِ بِالتَّكْبِيرِ - وَهُوَ ذَاكِرٌ لِذَلِكَ - فَهُوَ كُلُّهُ بَاطِلٌ، لِأَنَّهُ مَنْهِيٌّ عَنْ كُلِّ ذَلِكَ.
وَقَالَ - عَلَيْهِ السَّلَامُ -: «مَنْ عَمِلَ عَمَلًا لَيْسَ عَلَيْهِ أَمْرُنَا فَهُوَ رَدٌّ» فَكُلُّ مَنْ عَمِلَ أَمْرًا بِخِلَافِ مَا أُمِرَ بِهِ فَهُوَ مَرْدُودٌ بِنَصِّ حُكْمِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -.
رُوِّينَا مِنْ طَرِيقِ عِكْرِمَةَ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ " لَا يَصْلُحُ الْبَيْعُ يَوْمَ الْجُمُعَةِ حِينَ يُنَادَى بِالصَّلَاةِ فَإِذَا قُضِيَتْ الصَّلَاةُ فَاشْتَرِ وَبِعْ ".
وَعَنْ الْقَاسِمِ بْنِ مُحَمَّدٍ: أَنَّهُ فَسَخَ بَيْعًا وَقَعَ فِي الْوَقْتِ الْمَذْكُورِ؟ قَالَ أَبُو مُحَمَّدٍ: وَهَذَا مِمَّا تَنَاقَضَ فِيهِ الشَّافِعِيُّونَ، وَالْحَنَفِيُّونَ، لِأَنَّهُمْ لَا يُجِيزُونَ خِلَافَ الصَّاحِبِ الَّذِي لَا يُعْرَفُ لَهُ مِنْ الصَّحَابَةِ مُخَالِفٌ، وَهَذَا مَكَانٌ لَا يُعْرَفُ لِابْنِ عَبَّاسٍ فِيهِ مُخَالِفٌ مِنْ الصَّحَابَةِ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ -؟ وَتَنَاقَضَ الْمَالِكِيُّونَ أَيْضًا، لِأَنَّهُمْ حَمَلُوا قَوْله تَعَالَى: {وَذَرُوا الْبَيْعَ} [الجمعة: ٩] : عَلَى التَّحْرِيمِ، وَلَمْ يَحْمِلُوا أَمْرَهُ تَعَالَى بِتَمْتِيعِ الْمُطَلَّقَةِ عَلَى الْإِيجَابِ
وَقَالُوا: لَفْظَةُ " ذَرْ " لَا تَكُونُ إلَّا لِلتَّحْرِيمِ؟ فَقُلْنَا: هَذَا بَاطِلٌ، وَقَدْ قَالَ تَعَالَى: {ثُمَّ ذَرْهُمْ فِي خَوْضِهِمْ يَلْعَبُونَ} [الأنعام: ٩١] فَهَذِهِ لِلْوَعِيدِ لَا لِلتَّحْرِيمِ
وَأَمَّا مَنْعُنَا أَهْلَ الْكُفْرِ مِنْ الْبَيْعِ حِينَئِذٍ: فَلِقَوْلِهِ تَعَالَى: {وَقَاتِلُوهُمْ حَتَّى لا تَكُونَ فِتْنَةٌ وَيَكُونَ الدِّينُ كُلُّهُ لِلَّهِ} [الأنفال: ٣٩] فَوَجَبَ الْحُكْمُ بَيْنَ أَهْلِ الْكُفْرِ بِحُكْمِ أَهْلِ الْإِسْلَامِ وَلَا بُدَّ.
وَقَالَ تَعَالَى: {وَأَنِ احْكُمْ بَيْنَهُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ} [المائدة: ٤٩]
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute