للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَلَا فَرْقَ بَيْنَ هَذَا الْقَوْلِ وَبَيْنَ مَنْ قَالَ: بَلْ لَمَّا ذَكَرَ الصَّوْمَ ثُمَّ الِاعْتِكَافَ: وَجَبَ أَنْ لَا يُجْزِئَ صَوْمٌ إلَّا بِاعْتِكَافٍ؟

فَإِنْ قَالُوا: لَمْ يَقُلْ هَذَا أَحَدٌ قُلْنَا: فَقَدْ أَقْرَرْتُمْ بِصِحَّةِ الْإِجْمَاعِ عَلَى بُطْلَانِ حُجَّتِكُمْ، وَعَلَى أَنَّ ذِكْرَ شَرِيعَةٍ مَعَ ذِكْرِ أُخْرَى لَا يُوجِبُ أَنْ لَا تَصِحَّ إحْدَاهُمَا إلَّا بِالْأُخْرَى.

وَأَيْضًا: فَإِنَّ خُصُومَنَا مُجْمِعُونَ عَلَى أَنَّ الْمُعْتَكِفَ: هُوَ بِاللَّيْلِ مُعْتَكِفٌ كَمَا هُوَ بِالنَّهَارِ، وَهُوَ بِاللَّيْلِ غَيْرُ صَائِمٍ.

فَلَوْ صَحَّ لَهُمْ هَذَا الِاسْتِدْلَال لَوَجَبَ أَنْ لَا يُجْزِئَ الِاعْتِكَافُ إلَّا بِالنَّهَارِ الَّذِي لَا يَكُونُ الصَّوْمُ إلَّا فِيهِ - فَبَطَلَ تَمْوِيهُهُمْ بِإِيرَادِ هَذِهِ الْآيَةِ، حَيْثُ لَيْسَ فِيهَا شَيْءٌ مِمَّا مَوَّهُوا بِهِ، لَا بِنَصٍّ وَلَا بِدَلِيلٍ وَذَكَرُوا مَا رُوِّينَا مِنْ طَرِيقِ أَبِي دَاوُد قَالَ: نا أَحْمَدُ بْنُ إبْرَاهِيم نا أَبُو دَاوُد هُوَ الطَّيَالِسِيُّ - نا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ بُدَيْلٍ عَنْ عَمْرِو بْنِ دِينَارٍ عَنْ ابْنِ عُمَرَ قَالَ: «إنَّ عُمَرَ جَعَلَ عَلَيْهِ فِي الْجَاهِلِيَّةِ أَنْ يَعْتَكِفَ لَيْلَةً أَوْ يَوْمًا عِنْدَ الْكَعْبَةِ، فَسَأَلَ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَقَالَ: اعْتَكِفْ وَصُمْ» .

قَالَ أَبُو مُحَمَّدٍ: هَذَا خَبَرٌ لَا يَصِحُّ، لِأَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ بُدَيْلٍ مَجْهُولٌ وَلَا يُعْرَفُ هَذَا الْخَبَرُ مِنْ مُسْنَدِ عَمْرِو بْنِ دِينَارٍ أَصْلًا، وَمَا نَعْرِفُ لِعَمْرِو بْنِ دِينَارٍ عَنْ ابْنِ عُمَرَ حَدِيثًا مُسْنَدًا إلَّا ثَلَاثَةً، لَيْسَ، هَذَا مِنْهَا -: أَحَدُهَا: فِي الْعُمْرَةِ {لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ} [الأحزاب: ٢١] . وَالثَّانِي: فِي صِفَةِ الْحَجِّ. وَالثَّالِثُ: «لَا تَمْنَعُوا إمَاءَ اللَّهِ مَسَاجِدَ اللَّهِ» .

<<  <  ج: ص:  >  >>