مَعْنَى لَهَا هُوَ تَخْصِيصٌ لِقَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى: {وَأَنْتُمْ عَاكِفُونَ فِي الْمَسَاجِدِ} [البقرة: ١٨٧] .
فَإِنْ قِيلَ: فَأَيْنَ أَنْتُمْ عَمَّا رَوَيْتُمُوهُ مِنْ طَرِيقِ سَعِيدِ بْنِ مَنْصُورٍ: نا سُفْيَانُ هُوَ ابْنُ عُيَيْنَةَ - عَنْ جَامِعِ بْنِ أَبِي رَاشِدٍ عَنْ شَقِيقِ بْنِ سَلَمَةَ قَالَ: قَالَ حُذَيْفَةُ لِعَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ: قَدْ عَلِمْت أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ: «لَا اعْتِكَافَ إلَّا فِي الْمَسَاجِدِ الثَّلَاثَةِ أَوْ قَالَ مَسْجِدِ جَمَاعَةٍ» ؟ قُلْنَا: هَذَا شَكٌّ مِنْ حُذَيْفَةَ أَوْ مِمَّنْ دُونَهُ، وَلَا يُقْطَعُ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بِشَكٍّ، وَلَوْ أَنَّهُ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - قَالَ: " لَا اعْتِكَافَ إلَّا فِي الْمَسَاجِدِ الثَّلَاثَةِ " لَحَفِظَهُ اللَّهُ تَعَالَى عَلَيْنَا، وَلَمْ يُدْخِلْ فِيهِ شَكًّا.
فَصَحَّ يَقِينًا أَنَّهُ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - لَمْ يَقُلْهُ قَطُّ
فَإِنْ قِيلَ: فَقَدْ رَوَيْتُمْ مِنْ طَرِيقِ سَعِيدِ بْنِ مَنْصُورٍ: نَا هُشَيْمٌ أَنَا جُوَيْبِرٌ عَنْ الضَّحَّاكِ عَنْ حُذَيْفَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «كُلُّ مَسْجِدٍ فِيهِ إمَامٌ وَمُؤَذِّنٌ فَالِاعْتِكَافُ فِيهِ يَصْلُحُ» .
قُلْنَا: هَذِهِ سَوْأَةٌ لَا يَشْتَغِلُ بِهَا ذُو فَهْمٍ، جُوَيْبِرٌ هَالِكٌ، وَالضَّحَّاكُ ضَعِيفٌ وَلَمْ يُدْرِكْ حُذَيْفَةَ.
وَأَمَّا قَوْلُ إبْرَاهِيمَ، وَأَبِي حَنِيفَةَ، فَخَطَأٌ، لِأَنَّ مَسْجِدَ الْبَيْتِ لَا يُطْلَقُ عَلَيْهِ اسْمُ مَسْجِدٍ، وَلَا خِلَافَ فِي جَوَازِ بَيْعِهِ، وَفِي أَنْ يُجْعَلَ كَنِيفًا؟
وَقَدْ صَحَّ أَنَّ أَزْوَاجَ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - اعْتَكَفْنَ فِي الْمَسْجِدِ، وَهُمْ يُعَظِّمُونَ خِلَافَ الصَّاحِبِ، وَلَا مُخَالِفَ لَهُنَّ مِنْ الصَّحَابَةِ؟
فَقَالَ بَعْضُهُمْ: إنَّمَا كَانَ ذَلِكَ لِأَنَّهُنَّ كُنَّ مَعَهُ - عَلَيْهِ السَّلَامُ -؟
فَقُلْنَا: كَذِبَ مَنْ قَالَ هَذَا وَافْتَرَى بِغَيْرِ عِلْمٍ، وَأَثِمَ؟
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute