للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لِلْوُضُوءِ بِكَيْلٍ كَكَيْلِ الزَّيْتِ لَا يَزِيدُ وَلَا يَنْقُصُ. أَيْضًا - فَلَوْ صَحَّ لَمَا كَانَ فِي قَوْلِهِ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - «يُجْزِئُ فِي الْوُضُوءِ رَطْلَانِ» مَانِعٌ مِنْ أَنْ يُجْزِئَ أَقَلُّ، وَهُمْ أَوَّلُ مُوَافِقٍ لَنَا فِي هَذَا، فَمَنْ تَوَضَّأَ عِنْدَهُمْ بِنِصْفِ رِطْلٍ أَجْزَأَهُ، فَبَطَلَ تَعَلُّقُهُمْ بِهَذَا الْأَثَرِ. وَاحْتَجُّوا بِخَبَرٍ رُوِّينَاهُ مِنْ طَرِيقِ مُوسَى الْجُهَنِيِّ: كُنْت عِنْدَ مُجَاهِدٍ فَأَتَى بِإِنَاءٍ يَسَعُ ثَمَانِيَةَ أَرْطَالٍ تِسْعَةَ أَرْطَالٍ، عَشَرَةَ أَرْطَالٍ، فَقَالَ: قَالَتْ عَائِشَةُ «كَانَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَغْتَسِلُ بِمِثْلِ هَذَا» مَعَ الْأَثَرِ الثَّابِتِ «أَنَّهُ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - كَانَ يَغْتَسِلُ بِالصَّاعِ.» قَالَ أَبُو مُحَمَّدٍ: وَهَذَا لَا حُجَّةَ فِيهِ، لِأَنَّ مُوسَى قَدْ شَكَّ فِي ذَلِكَ الْإِنَاءِ مِنْ ثَمَانِيَةِ أَرْطَالٍ إلَى عَشَرَةٍ، وَهُمْ لَا يَقُولُونَ: إنَّ الصَّاعَ يَزِيدُ عَلَى ثَمَانِيَةِ أَرْطَالٍ وَلَا فَلْسًا.

وَأَيْضًا - فَقَدْ صَحَّ «أَنَّهُ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - اغْتَسَلَ هُوَ وَعَائِشَةُ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا - جَمِيعًا مِنْ إنَاءٍ يَسَعُ ثَلَاثَةَ أَمْدَادٍ» ؛ وَأَيْضًا مِنْ إنَاءٍ هُوَ الْفَرْقُ، وَالْفَرْقُ: اثْنَا عَشَرَ مُدًّا، وَأَيْضًا - بِخَمْسَةِ أَمْدَادٍ، وَأَيْضًا - بِخَمْسَةِ مَكَاكِيَّ.

وَكُلُّ هَذِهِ الْآثَارِ فِي غَايَةِ الصِّحَّةِ، وَالْإِسْنَادِ الْوَثِيقِ الثَّابِتِ الْمُتَّصِلِ، وَالْخَمْسَةُ مَكَاكِيَّ: خَمْسُونَ مُدًّا.

وَلَا خِلَافَ فِي أَنَّهُ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - لَمْ يُعَيِّرْ لَهُ الْمَاءَ لِلْغُسْلِ بِكَيْلٍ كَكَيْلِ الزَّيْتِ، وَلَا تَوَضَّأَ وَاغْتَسَلَ بِإِنَاءَيْنِ مَخْصُوصَيْنِ بَلْ قَدْ تَوَضَّأَ فِي الْحَضَرِ وَالسَّفَر بِلَا مُرَاعَاةٍ لِمِقْدَارِ الْمَاءِ.

هُمْ أَوَّلُ مُخَالِفٍ لِهَذَا التَّحْدِيدِ فَلَا يَخْتَلِفُونَ فِي أَنَّ امْرَأً لَوْ اغْتَسَلَ نِصْفَ صَاعٍ لَأَجْزَأهُ - فَبَطَلَ تَعَلُّقُهُمْ بِهَذِهِ الْآثَارِ الْوَاهِيَةِ.

وَاحْتَجُّوا بِرِوَايَتَيْنِ وَاهِيَتَيْنِ -:

<<  <  ج: ص:  >  >>