للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَقَدْ مَوَّهَ بَعْضُهُمْ بِأَنَّهُ إنَّمَا سُمِّيَ الْوَسْقُ؛ لِأَنَّهُ مِنْ وَسْقِ الْبَعِيرِ.

قَالَ أَبُو مُحَمَّدٍ: وَهَذَا طَرِيفٌ فِي الْهُوجِ جِدًّا وَلَيْتَ شِعْرِي مَنْ لَهُ بِذَلِكَ وَهَلَّا قَالَ: لِأَنَّهُ وَسْقُ الْحِمَارِ، ثُمَّ أَيْضًا - فَإِنَّ الْوِسْقَ الَّذِي أَشَارَ إلَيْهِ هُوَ عِنْدَهُمْ: سِتَّةَ عَشَرَ رُبْعًا بِالْقُرْطُبِيِّ، وَحِمْلُ الْبَعِيرِ أَكْثَرُ مِنْ هَذَا الْمِقْدَارِ بِنَحْوِ نِصْفِهِ.

وَأَمَّا إسْقَاطُهُمْ الزَّكَاةَ عَمَّا أُصِيبَ فِي أَرْضِ الْخَرَاجِ مِنْ بُرٍّ، وَتَمْرٍ، وَشَعِيرٍ؛ فَفَاحِشٌ جِدًّا، وَعَظِيمٌ مِنْ الْقَوْلِ.

وَإِسْقَاطٌ لِلزَّكَاةِ الْمُفْتَرَضَةِ. وَمَوَّهُوا فِي هَذَا بِطَوَامَّ، مِنْهَا: أَنْ قَالَ قَائِلُهُمْ: - إنَّ عُمَرَ لَمْ يَأْخُذْ الزَّكَاةَ مِنْ أَرْضِ الْخَرَاجِ. قَالَ أَبُو مُحَمَّدٍ: وَهَذَا تَمْوِيهٌ بَارِدٌ؛ لِأَنَّ عُمَرَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - إنَّمَا ضَرَبَ الْخَرَاجَ عَلَى أَهْلِ الْكُفْرِ، وَلَا زَكَاةَ تُؤْخَذُ مِنْهُمْ. فَإِنْ ادَّعَى: أَنَّ عُمَرَ لَمْ يَأْخُذْ الزَّكَاةَ مِمَّنْ أَسْلَمَ مِنْ أَصْحَابِ أَرْضِ الْخَرَاجِ فَقَدْ كَذَبَ جِدًّا، وَلَا يَجِدُ هَذَا أَبَدًا؛ وَمَنْ ادَّعَى أَنَّ - عُمَرَ أَسْقَطَ الزَّكَاةَ عَنْهُمْ كَمَنْ ادَّعَى أَنَّهُ أَسْقَطَ الصَّلَاةَ عَنْهُمْ وَلَا فَرْقَ. وَمَوَّهَ بَعْضُهُمْ بِأَنَّ ذِكْرَ مَا قَدْ صَحَّ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مِنْ قَوْلِهِ: «مَنَعَتْ الْعِرَاقُ قَفِيزَهَا وَدِرْهَمَهَا، وَمَنَعَتْ الشَّامُ مُدَّيْهَا وَدِينَارَهَا، وَمَنَعَتْ مِصْرُ إرْدَبَّهَا وَدِينَارَهَا، وَعُدْتُمْ مِنْ حَيْثُ بَدَأْتُمْ» شَهِدَ عَلَى ذَلِكَ لَحْمُ أَبِي هُرَيْرَةَ وَدَمُهُ، قَالُوا: فَأَخْبَرَ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - بِمَا يَجِبُ فِي هَذِهِ الْأَرَضِينَ، وَلَمْ يُخْبِرْ أَنَّ فِيهَا زَكَاةً؛ وَلَوْ كَانَ فِيهَا زَكَاةٌ لَأَخْبَرَ بِهَا. قَالَ أَبُو مُحَمَّدٍ: مِثْلُ هَذَا لَيْسَ لِإِيرَادِهِ وَجْهٌ؛ إلَّا لِيَحْمَدَ اللَّهَ تَعَالَى مَنْ سَمِعَهُ عَلَى خَلَاصِهِ مِنْ عَظِيمِ مَا اُبْتُلُوا بِهِ مِنْ الْمُجَاهَرَةِ بِالْبَاطِلِ، وَمُعَارَضَةِ الْحَقِّ بِأَغَثِّ مَا يَكُونُ مِنْ الْكَلَامِ.

<<  <  ج: ص:  >  >>