للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

الْوَاحِدِ مِنْ الْمَاعِزِ، وَمِنْ الضَّأْنِ؛ وَلَوْ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَلِمَ فِي حُكْمِهَا فَرْقًا لَبَيَّنَهُ، كَمَا خَصَّ التَّيْسَ، وَإِنْ وُجِدَ فِي اللُّغَةِ اسْمُ التَّيْسِ يَقَعُ عَلَى الْكَبْشِ وَجَبَ أَنْ لَا يُؤْخَذَ فِي الصَّدَقَةِ إلَّا بِرِضَا الْمُصَدِّقِ.

وَالْعَجَبُ أَنَّ الْمَانِعَ مِنْ أَخْذِ الْمَاعِزَةِ عَنْ الضَّأْنِ أَجَازَ أَخْذَ الذَّهَبِ عَنْ الْفِضَّةِ وَالْفِضَّةَ عَنْ الذَّهَبِ وَهُمَا عِنْدَهُ صِنْفَانِ، يَجُوزُ بَيْعُ بَعْضِهِمَا بِبَعْضٍ مُتَفَاضِلًا وَالْخِلَافُ أَيْضًا فِي مَكَان آخَرَ: وَهُوَ أَنَّ قَوْمًا قَالُوا: إنْ مَلَكَ مِائَةَ شَاةٍ وَعِشْرِينَ شَاةً وَبَعْضَ شَاةٍ فَلَيْسَ عَلَيْهِ إلَّا شَاةٌ وَاحِدَةٌ حَتَّى يَتِمَّ فِي مِلْكِهِ مِائَةٌ وَإِحْدَى وَعِشْرُونَ، وَمَنْ مَلَكَ مِائَتَيْ شَاةٍ وَبَعْضَ شَاةٍ فَلَيْسَ عَلَيْهِ إلَّا شَاتَانِ حَتَّى يَتِمَّ فِي مِلْكِهِ مِائَتَا شَاةٍ وَشَاةٌ.

وَاحْتَجُّوا بِمَا فِي حَدِيثِ ابْنِ عُمَرَ " فَإِنْ زَادَتْ وَاحِدَةٌ " كَمَا أَوْرَدْنَاهُ قَالَ أَبُو مُحَمَّدٍ: فِي حَدِيثِ ابْنِ عُمَرَ كَمَا ذَكَرُوا، وَفِي حَدِيثِ أَبِي بَكْرٍ الَّذِي أَوْرَدْنَا " فَإِنْ زَادَتْ " وَلَمْ يَقُلْ " وَاحِدَةٌ " فَوَجَدْنَا الْخَبَرَيْنِ جَمِيعًا مُتَّفِقَيْنِ عَلَى أَنَّهَا إنْ زَادَتْ وَاحِدَةٌ عَلَى مِائَةٍ وَعِشْرِينَ شَاةً أَوْ عَلَى مِائَتَيْ شَاةٍ فَقَدْ انْتَقَلَتْ الْفَرِيضَةُ.

وَوَجَدْنَا حَدِيثَ أَبِي بَكْرٍ يُوجِبُ انْتِقَالَ الْفَرِيضَةِ بِالزِّيَادَةِ عَلَى الْمِائَةِ وَعِشْرِينَ وَعَلَى الْمِائَتَيْنِ، فَكَانَ هَذَا عُمُومًا لِكُلِّ زِيَادَةٍ، وَلَيْسَ فِي حَدِيثِ ابْنِ عُمَرَ الْمَنْعُ مِنْ ذَلِكَ أَصْلًا، فَصَارَ مَنْ قَالَ بِقَوْلِنَا قَدْ أَخَذَ بِالْحَدِيثَيْنِ، فَلَمْ يُخَالِفْ وَاحِدًا مِنْهُمَا؛ وَصَارَ مَنْ قَالَ بِخِلَافِ ذَلِكَ مُخَالِفًا لِحَدِيثِ أَبِي بَكْرٍ، مُخَصِّصًا لَهُ بِلَا بُرْهَانٍ - وَبِاَللَّهِ تَعَالَى التَّوْفِيقُ.

وَهَاهُنَا أَيْضًا خِلَافٌ آخَرُ: وَهُوَ مَا رُوِّينَاهُ مِنْ طَرِيقِ وَكِيعٍ عَنْ سُفْيَانَ الثَّوْرِيِّ، وَمِنْ طَرِيقِ مُحَمَّدِ بْنِ جَعْفَرٍ عَنْ شُعْبَةَ، ثُمَّ اتَّفَقَ شُعْبَةُ، وَسُفْيَانُ كِلَاهُمَا عَنْ مَنْصُورِ بْنِ الْمُعْتَمِرِ عَنْ إبْرَاهِيمَ النَّخَعِيِّ أَنَّهُ قَالَ: إذَا زَادَتْ الْغَنَمُ وَاحِدَةٌ عَلَى ثَلَثِمِائَةٍ فَفِيهَا أَرْبَعُ شِيَاهٍ إلَى أَرْبَعِمِائَةٍ، فَكُلُّ مَا زَادَتْ وَاحِدَةٌ فَهُوَ كَذَلِكَ؟ قَالَ أَبُو مُحَمَّدٍ: وَلَا حُجَّةَ فِي أَحَدٍ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَلَقَدْ يَلْزَمُ الْقَائِلِينَ بِالْقِيَاسِ - لَا سِيَّمَا الْمَالِكِيِّينَ الْقَائِلِينَ بِأَنَّ الْقِيَاسَ أَقْوَى مِنْ خَبَرِ الْوَاحِدِ، وَالْحَنَفِيِّينَ الْقَائِلِينَ بِأَنَّ مَا عَظُمَتْ بِهِ الْبَلْوَى لَا يُقْبَلُ فِيهِ خَبَرُ الْوَاحِدِ -: أَنْ يَقُولُوا بِقَوْلِ إبْرَاهِيمَ؛

<<  <  ج: ص:  >  >>