لِأَنَّهُمْ قَدْ أَجْمَعُوا عَلَى أَنَّ الْمِائَتَيْ شَاةٍ إذَا زَادَتْ وَاحِدَةٌ فَإِنَّ الْفَرِيضَةَ تَنْتَقِلُ وَيَجِبُ فِيهَا ثَلَاثُ شِيَاهٍ، فَكَذَلِكَ إذَا زَادَتْ عَلَى الثَّلَاثِمِائَةِ وَاحِدَةٌ أَيْضًا، فَيَجِبُ أَنْ تَنْتَقِلَ الْفَرِيضَةُ، وَلَا سِيَّمَا وَالْحَنَفِيُّونَ قَدْ قَلَّدُوا إبْرَاهِيمَ فِي أَخْذِ الزَّكَاةِ مِنْ الْبَقَرَةِ الْوَاحِدَةِ تَزِيدُ عَلَى أَرْبَعِينَ بَقَرَةً، وَاحْتَجُّوا بِأَنَّهُمْ لَمْ يَجِدُوا فِي الْبَقَرِ وَقْصًا مِنْ تِسْعَةَ عَشَرَ أَنْ يُقَلِّدُوهُ هَاهُنَا وَيَقُولُوا: لَمْ نَجِدْ فِي الْغَنَمِ وَقْصًا مِنْ مِائَةٍ وَثَمَانٍ وَتِسْعِينَ شَاةً؛ لَا سِيَّمَا وَمَعَهُمْ هَاهُنَا فِي الْغَنَمِ قِيَاسٌ مُطَرَّدٌ، وَلَيْسَ مَعَهُمْ فِي الْبَقَرِ قِيَاسٌ أَصْلًا، وَكُلُّ مَا مَوَّهُوا بِهِ فِي الْبَقَرِ فَهُوَ لَازِمٌ لَهُمْ فِيمَا زَادَ عَلَى الثَّلَاثِمِائَةِ مِنْ الْغَنَمِ مِنْ قَوْله تَعَالَى: {خُذْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ صَدَقَةً} [التوبة: ١٠٣] وَنَحْوُ ذَلِكَ - وَهَلَّا قَالُوا: هَذَا مِمَّا تَعْظُمُ بِهِ الْبَلْوَى فَلَوْ كَانَ ذَلِكَ مَا جَهِلَهُ إبْرَاهِيمُ؟ فَإِنْ قَالُوا: إنَّ خِلَافَ قَوْلِ إبْرَاهِيمَ قَدْ جَاءَ فِي حَدِيثِ أَبِي بَكْرٍ، وَخَبَرِ ابْنِ عُمَرَ، وَعَنْ عَلِيٍّ، وَعَنْ صَحِيفَةِ ابْنِ حَزْمٍ؟ قُلْنَا: لَيْسَ شَيْءٌ مِنْ هَذِهِ الْأَخْبَارِ إلَّا وَقَدْ خَالَفْتُمُوهَا، فَلَمْ تَكُنْ حُجَّةٌ فِيمَا خَالَفْتُمُوهُ فِيهِ، وَكَانَ حُجَّةٌ عِنْدَكُمْ فِيمَا اشْتَهَيْتُمْ، وَهَذَا عَجَبٌ جِدًّا قَالَ أَبُو مُحَمَّدٍ: كُلُّهُ خَبْطٌ لَا مَعْنَى لَهُ وَإِنَّمَا نُرِيهِمْ تَنَاقُضَهُمْ وَتَحَكُّمَهُمْ فِي الدِّينِ بِتَرْكِ الْقِيَاسِ لِلسُّنَنِ إذَا وَافَقَتْ تَقْلِيدَهُمْ، وَبِتَرْكِ السُّنَنِ لِلْقِيَاسِ كَذَلِكَ، وَبِتَرْكِهِمَا جَمِيعًا كَذَلِكَ وَأَمَّا مَنْ رَاعَى فِي الشَّاةِ الْمَأْخُوذَةِ مَا تُجْزِئُ مِنْ الْأُضْحِيَّةِ - وَهُوَ أَبُو حَنِيفَةَ - فَقَدْ أَخْطَأَ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَأْتِ بِمَا قَالَ نَصٌّ، وَلَا إجْمَاعٌ؛ فَكَيْفَ وَقَدْ أَجْمَعُوا عَلَى أَخْذِ الْجَذَعَةِ فَمَا دُونَهَا فِي زَكَاةِ الْإِبِلِ، وَلَا تُجْزِئُ فِي الْأُضْحِيَّةِ، وَإِنَّمَا «قَالَ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - لِأَبِي بُرْدَةَ وَلَنْ تُجْزِئَ جَذَعَةٌ لِأَحَدٍ بَعْدَكَ» يَعْنِي فِي الْأُضْحِيَّةِ؛ لِأَنَّهُ عَنْهَا سَأَلَهُ، وَقَدْ صَحَّ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute