النَّصُّ بِإِيجَابِ الْجَذَعَةِ فِي زَكَاةِ الْإِبِلِ؛ فَصَحَّ يَقِينًا أَنَّهُ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - لَمْ يَعْنِ إلَّا الْأُضْحِيَّةَ - وَبِاَللَّهِ تَعَالَى التَّوْفِيقُ.
وَأَمَّا قَوْلُنَا إنْ كَانَتْ الْغَنَمُ كُلُّهَا كَرَائِمُ أَخَذَ مِنْهَا بِرِضَا صَاحِبِهَا؛ فَلِأَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «نَهَى عَنْ كَرَائِمِ الْغَنَمِ» ؛ وَهَذَا فِي لُغَةِ الْعَرَبِ يَقْتَضِي أَنْ يَكُونَ فِي الْغَنَمِ - وَلَا بُدَّ - مَا لَيْسَ بِكَرَائِمَ، وَأَمَّا إذَا كَانَتْ كُلُّهَا كَرَائِمُ فَلَا يَجُوزُ أَنْ يُقَالَ فِي شَيْءٍ مِنْهَا: هَذِهِ كَرَائِمُ هَذِهِ الْغَنَمِ؛ لَكِنْ يُقَالُ هَذِهِ كَرِيمَةٌ مِنْ هَذِهِ الْغَنَمِ الْكَرَائِمِ.
وَقَدْ رُوِّينَا عَنْ إبْرَاهِيمَ النَّخَعِيِّ أَنَّهُ قَالَ: يُؤْمَرُ الْمُصَدِّقُ أَنْ يَصْدَعَ الْغَنَمَ صَدْعَيْنِ فَيَخْتَارُ صَاحِبُ الْغَنَمِ خَيْرَ الصَّدْعَيْنِ وَيَأْخُذُ الْمُصَدِّقُ مِنْ الْآخَرِ؟ وَعَنْ الْقَاسِمِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ أَبِي بَكْرٍ الصِّدِّيقِ أَنَّهُ قَالَ: يُفَرِّقُ الْغَنَمَ أَثْلَاثًا، ثُلُثُ خِيَارٍ، وَثُلُثُ رُذَالٍ، وَثُلُثُ وَسَطٍ؛ ثُمَّ تَكُونُ الصَّدَقَةُ فِي الْوَسَطِ.
قَالَ أَبُو مُحَمَّدٍ: هَذَا لَا نَصَّ فِيهِ؛ وَلَكِنْ رُوِّينَا مِنْ طَرِيقِ وَكِيعٍ عَنْ سُفْيَانَ الثَّوْرِيِّ عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ عَنْ عَاصِمِ بْنِ ضَمْرَةَ عَنْ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ قَالَ: لَا يَأْخُذُ الْمُصَدِّقُ هَرِمَةً وَلَا ذَاتَ عَوَارٍ وَلَا تَيْسًا.
وَمِنْ طَرِيقِ الْبُخَارِيِّ عَنْ شُعَيْبِ بْنِ أَبِي حَمْزَةَ عَنْ الزُّهْرِيِّ عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُتْبَةَ بْنِ مَسْعُودٍ أَنَّ أَبَا هُرَيْرَةَ قَالَ: قَالَ أَبُو بَكْرِ الصِّدِّيقُ: وَاَللَّهِ لَوْ مَنَعُونِي عَنَاقًا كَانُوا يُؤَدُّونَهَا إلَى رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لَقَاتَلْتهمْ عَلَيْهَا؟ وَمِنْ طَرِيقِ عَبْدِ الرَّزَّاقِ: أَخْبَرَنِي بِشْرُ بْنُ عَاصِم بْنِ سُفْيَانَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ أَنَّ أَبَاهُ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute