النَّاسِ شَكَوْا سُعَاتَك، وَهَذَا أَمْرُ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي الْفَرَائِضِ: فَأْمُرْهُمْ فَلْيَأْخُذُوا بِهِ؟ قَالَ: فَانْطَلَقْتُ بِالْكِتَابِ حَتَّى دَخَلْتُ عَلَى عُثْمَانَ بْنِ عَفَّانَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - فَقُلْت: إنَّ أَبِي أَرْسَلَنِي إلَيْك، وَذَكَرَ أَنَّ نَاسًا مِنْ النَّاسِ شَكَوْا سُعَاتَك، وَهَذَا أَمْرُ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي الْفَرَائِضِ، فَمُرْهُمْ فَلْيَأْخُذُوا بِهِ؟ فَقَالَ: لَا حَاجَةَ لَنَا فِي كِتَابِك؛ فَرَجَعْتُ إلَى أَبِي فَأَخْبَرْته؟ فَقَالَ: أَيْ بُنَيَّ، لَا عَلَيْك، أُرْدِدْ الْكِتَابَ مِنْ حَيْثُ أَخَذْتَهُ، قَالَ: فَلَوْ كَانَ ذَاكِرًا عُثْمَانَ بِشَيْءٍ لَذَكَرَهُ بِسُوءٍ؛ وَإِنَّمَا كَانَ فِي الْكِتَابِ مَا كَانَ فِي حَدِيثِ عَلِيٍّ.
قَالُوا: فَمِنْ الْبَاطِلِ أَنْ يُظَنَّ بِعَلِيٍّ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - أَنْ يُخْبِرَ النَّاسَ بِغَيْرِ مَا فِي كِتَابِهِ عَنْ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -.
وَادَّعَوْا أَنَّهُ قَدْ رُوِيَ عَنْ ابْنِ مَسْعُودٍ؛ وَابْنِ عُمَرَ مِثْلُ قَوْلِهِمْ؟ قَالَ أَبُو مُحَمَّدٍ: هَذَا كُلُّ مَا مَوَّهُوا بِهِ، مِمَّا يُمْكِنُ أَنْ يُمَوِّهَ بِهِ مَنْ لَا عِلْمَ لَهُ، أَوْ مَنْ لَا تَقْوَى لَهُ، وَأَمَّا الْهَذَرُ وَالتَّخْلِيطُ فَلَا نِهَايَةَ لَهُ فِي الْقُوَّةِ؟ قَالَ أَبُو مُحَمَّدٍ: وَكُلُّ هَذَا لَا حُجَّةَ لَهُمْ فِيهِ أَصْلًا أَمَّا حَدِيثُ مَعْمَرٍ، وَحَمَّادِ بْنِ سَلَمَةَ: فَمُرْسَلَانِ لَا تَقُومُ بِهِمَا حُجَّةٌ، ثُمَّ لَوْ صَحَّا لَمَا كَانَ لَهُمْ فِيهِمَا مُتَعَلَّقٌ أَصْلًا أَمَّا طَرِيقُ مَعْمَرٍ فَإِنَّ الَّذِي فِي آخِرِهِ مِنْ قَوْلِهِ: " وَمَا كَانَ أَقَلَّ مِنْ خَمْسَةٍ وَعِشْرِينَ فَفِي كُلِّ خَمْسٍ شَاةٌ " فَإِنَّمَا هُوَ حُكْمُ ابْتِدَاءِ فَرَائِضِ الْإِبِلِ.
وَلَمْ يَسْتَحْيِ عَمِيدٌ مِنْ عُمُدِهِمْ مِنْ أَنْ يَكْذِبَ فِي هَذَا الْحَدِيثِ مَرَّتَيْنِ جِهَارًا -: إحْدَاهُمَا: أَنَّهُ ادَّعَى أَنَّ فِي أَوَّلِهِ ذِكْرُ تَزْكِيَةِ الْإِبِلِ بِالْغَنَمِ فَلَا يَجُوزُ أَنْ يُظَنَّ أَنَّهُ كَرَّرَهُ قَالَ أَبُو مُحَمَّدٍ: وَقَدْ كَذَبَ فِي هَذَا عَلَانِيَةً وَأَعْمَاهُ الْهَوَى وَأَصَمَّهُ وَلَمْ يَسْتَحِي وَمَا ذَكَرَ مَعْمَرٌ فِي أَوَّلِ كَلَامِهِ فِي فَرَائِضِ الْإِبِلِ إلَّا كَمَا أَوْرَدْنَاهُ مِنْ حُكْمِ الْخَمْسَةِ وَالْعِشْرِينَ فَصَاعِدًا وَذَكَرَ فِي آخِرِ حَدِيثِهِ حُكْمَ تَزْكِيَتِهَا بِالْغَنَمِ إذْ لَمْ يَذْكُرْهُ أَوَّلًا؟ وَالْمَوْضُوعُ الثَّانِي: أَنَّهُ جَاهَرَ بِالْكَذِبِ، فَقَالَ: " مَعْمَرٌ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي بَكْرِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عَمْرِو بْنِ حَزْمٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ " وَهَذَا كَذِبٌ، مَا رَوَاهُ ذَلِكَ مَعْمَرٌ إلَّا عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي بَكْرٍ فَقَطْ؛ ثُمَّ لَوْ صَحَّ لَهُ هَذَا لَمَا أَخْرُجهُ عَنْ الْإِرْسَالِ؛ لِأَنَّ مُحَمَّدَ بْنَ عَمْرٍو
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute