لَمْ يُدْرِكْ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -. ثُمَّ عَجَبٌ آخَرُ وَهُوَ احْتِجَاجُهُ بِهَذَيْنِ الْخَبَرَيْنِ فِيمَا لَيْسَ فِيهِمَا مِنْهُ شَيْءٌ، وَهُوَ يُخَالِفُهُمَا فِيمَا فِيهِمَا مِنْ أَنَّهُ إنْ لَمْ تُوجَدْ بِنْتُ مَخَاضٍ فَابْنُ لَبُونٍ ذَكَرٌ أَفَلَا يَعُوقُ الْمَرْءَ مُسَكَةٌ مِنْ الْحَيَاءِ عَنْ مِثْلِ هَذَا؟ وَالْعَجَبُ أَنَّهُمْ زَادُوا كَذِبًا وَجُرْأَةً وَفُحْشًا فَقَالُوا: مَعْنَى قَوْلِهِ - عَلَيْهِ السَّلَامُ -: «إنْ لَمْ تُوجَدْ بِنْتُ مَخَاضٍ فَابْنُ لَبُونٍ ذَكَرٌ» إنَّمَا أَرَادَ بِقِيمَةِ بِنْتِ مَخَاضٍ؟ وَهَذَا كَذِبٌ بَارِدٌ سَمْجٌ وَلَا فَرْقَ بَيْنَهُمْ فِي هَذَا وَبَيْنَ مَنْ قَالَ: مَا أَرَادَ إلَّا ابْنَ لَبُونٍ أَصْهَبَ، أَوْ فِي أَرْضِ نَجْدٍ خَاصَّةً وَمِنْ الْبَاطِلِ الْمُمْتَنِعِ الَّذِي لَا يُمْكِنُ أَصْلًا أَنْ يُرِيدَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَنْ يُعَوِّضَ مِمَّا عُدِمَ بِالْقِيمَةِ وَيَقْتَصِرُ عَلَى ذِكْرِ ابْنِ لَبُونٍ ذَكَرٌ أَيْضًا خَاصَّةً وَالْعَجَبُ مِنْ هَؤُلَاءِ الْقَوْمِ فِي تَقْوِيلِهِمْ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مَا لَمْ يَقُلْ وَإِحَالَةِ كَلَامِهِ إلَى الْهَوَسِ وَالْغَثَاثَةِ وَالتَّلْبِيسِ وَلَا يَسْتَجِيزُونَ إحَالَةَ لَفْظَةٍ مِنْ كَلَامِ أَبِي حَنِيفَةَ عَنْ مُقْتَضَاهَا وَاَللَّهُ لَا فَعَلَ هَذَا مَوْثُوقٌ بِعَقْدِهِ وَلَقَدْ صَدَقَ الْأَئِمَّةُ الْقَائِلُونَ: إنَّهُمْ يَكِيدُونَ الْإِسْلَامَ وَيُقَالُ لَهُمْ: هَلَّا حَمَلْتُمْ مَا أَخَذْتُمْ بِهِ مِمَّا لَا يَجُوزُ الْأَخْذُ بِهِ مِمَّا رُوِيَ عَنْ بَعْضِ السَّلَفِ مِنْ أَنَّ جُعْلَ الْآبِقِ أَرْبَعُونَ دِرْهَمًا -: عَلَى أَنَّهُ إنَّمَا أَرَادَ قِيمَةَ تَعَبِ ذَلِكَ الَّذِي رَدَّ ذَلِكَ الْآبِقَ فَقَطْ؟ عَلَى أَنَّ هَذَا كَانَ أَوْلَى وَأَصَحَّ مِنْ حَمْلِهِ عَلَى إيجَابِ شَرِيعَةٍ لَمْ يُوجِبْهَا اللَّهُ تَعَالَى وَلَا رَسُولُهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -.
كَمَا لَمْ يَتَعَدَّوْا قَوْلَ أَبِي حَنِيفَةَ فِيمَنْ تَزَوَّجَ عَلَى بَيْتٍ وَخَادِمٍ أَنَّ الْبَيْتَ خَمْسُونَ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute