الْمُفْتَرَضَةِ بِذَلِكَ وَلَوْ وَجَبَ بِالِاخْتِلَاطِ فِي الْمَرْعَى إحَالَةُ حُكْمِ الزَّكَاةِ لَوَجَبَ ذَلِكَ فِي كُلِّ مَاشِيَةٍ فِي الْأَرْضِ، لِأَنَّ الْمَرَاعِيَ مُتَّصِلَةٌ فِي أَكْثَرِ الدُّنْيَا، إلَّا أَنْ يَقْطَعَ بَيْنَهُمَا بَحْرٌ، أَوْ نَهْرٌ، أَوْ عِمَارَةٌ وَأَيْضًا - فَلَيْسَ فِي هَذَا الْخَبَرِ ذِكْرٌ لِتَخَالُطِهِمَا بِالرَّاعِي، وَهُوَ الَّذِي عَوَّلَ عَلَيْهِ مَالِكٌ، وَالشَّافِعِيُّ؛ وَإِلَّا فَقَدْ يَخْتَلِطُ فِي الْمَسْقَى، وَالْمَرْعَى، وَالْفَحْلِ: أَهْلُ الْحِلَّةِ كُلُّهُمْ، وَهُمَا لَا يَرَيَانِ ذَلِكَ خُلْطَةً تُحِيلُ حُكْمَ الصَّدَقَةِ؟ وَزَادَ ابْنُ حَنْبَلٍ: وَالْمُحْتَلَبِ.
وَقَالَ بَعْضُهُمْ: إنْ اخْتَلَطَا أَكْثَرَ الْحَوْلِ كَانَ لَهُمَا حُكْمُ الْخُلْطَةِ
وَهَذَا تَحَكُّمٌ بَارِدٌ وَنَسْأَلُهُمْ عَمَّنْ خَالَطَ آخَرَ سِتَّةَ أَشْهُرٍ؟ فَبِأَيِّ شَيْءٍ أَجَابُوا فَقَدْ زَادُوا فِي التَّحَكُّمِ بِلَا دَلِيلٍ وَلَمْ يَكُونُوا بِأَحَقَّ بِالدَّعْوَى مِنْ غَيْرِهِمْ؟ وَأَمَّا قَوْلُ مَالِكٍ فَظَاهِرُ الْحَوَالَةِ جِدًّا؛ لِأَنَّهُ خَصَّ بِالْخُلْطَةِ الْمَوَاشِيَ، فَقَطْ، دُونَ الْخُلْطَةِ فِي الثِّمَارِ، وَالزَّرْعِ وَالنَّاضِّ، وَلَيْسَ هَذَا التَّخْصِيصُ مَوْجُودًا فِي الْخَبَرِ فَإِنْ قَالَ: إنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إنَّمَا قَالَ ذَلِكَ بِعَقِبِ ذِكْرِهِ حُكْمَ الْمَاشِيَةِ؟ قُلْنَا: فَكَانَ مَاذَا؟ فَإِنْ كَانَ هَذَا حُجَّةً لَكُمْ فَاقْتَصِرُوا بِحُكْمِ الْخُلْطَةِ عَلَى الْغَنَمِ فَقَطْ لِأَنَّهُ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - لَمْ يَقُلْ ذَلِكَ إلَّا بِعَقِبِ ذِكْرِ زَكَاةِ الْغَنَمِ؛ وَهَذَا مَا لَا مُخَلِّصَ مِنْهُ؟ فَإِنْ قَالُوا: قِسْنَا الْإِبِلَ، وَالْبَقَرَ، عَلَى الْغَنَمِ؟ قِيلَ لَهُمْ: فَهَلَّا قِسْتُمْ الْخُلْطَةَ فِي الزَّرْعِ وَالثَّمَرَةِ عَلَى الْخُلْطَةِ فِي الْغَنَمِ؟ وَأَيْضًا: فَإِنَّ مَالِكًا اسْتَعْمَلَ إحَالَةَ الزَّكَاةِ بِالْخُلْطَةِ فِي النِّصَابِ [فَزَائِدًا] وَلَمْ يَسْتَعْمِلْهُ فِي عُمُومِ الْخُلْطَةِ كَمَا فَعَلَ الشَّافِعِيُّ، وَهَذَا تَحَكُّمٌ وَدَعْوَى بِلَا بُرْهَانٍ؛ وَإِنْ كَانَ فَرَّ عَنْ إحَالَةِ النَّصِّ فِي أَنْ لَا زَكَاةَ فِيمَا دُونَ النِّصَابِ -: فَقَدْ وَقَعَ فِيهِ فِيمَا فَوْقَ النِّصَابِ، وَلَا فَرْقَ بَيْنَ الْإِحَالَتَيْنِ - وَبِاَللَّهِ تَعَالَى التَّوْفِيقُ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute