قَالَ أَبُو مُحَمَّدٍ: وَأَمَّا أَبُو حَنِيفَةَ وَأَصْحَابُهُ فَإِنَّهُمْ يُشَنِّعُونَ بِخِلَافِ الْجُمْهُورِ إذَا وَافَقَ تَقْلِيدَهُمْ؛ وَهُمْ هُنَا قَدْ خَالَفُوا خَمْسَةً مِنْ التَّابِعِينَ، لَا يُعْلَمُ لَهُمْ - مِنْ طَبَقَتِهِمْ وَلَا مِمَّنْ قَبْلَهُمْ - مُخَالِفٌ وَهَذَا عِنْدَنَا غَيْرُ مُنْكَرٍ؛ لَكِنْ أَوْرَدْنَاهُ لِنُرِيَهُمْ تَنَاقُضَهُمْ، وَاحْتِجَاجَهُمْ بِشَيْءٍ لَا يَرَوْنَهُ حُجَّةً إذَا خَالَفَ أَهْوَاءَهُمْ وَمَوَّهُوا أَيْضًا بِمَا حَدَّثَنَاهُ أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ الْجَسُورِ ثنا وَهْبُ بْنُ مَسَرَّةَ ثنا مُحَمَّدُ بْنُ وَضَّاحٍ ثنا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ ثنا يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ عَنْ بَهْزِ بْنِ حَكِيمِ بْنِ مُعَاوِيَةَ بْنِ حَيْدَةَ عَنْ أَبِيهِ حَكِيمٍ عَنْ مُعَاوِيَةَ بْنِ حَيْدَةَ قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَقُولُ: «فِي كُلِّ إبِلٍ سَائِمَةٍ فِي كُلِّ أَرْبَعِينَ ابْنَةُ لَبُونٍ، لَا تُفَرَّقُ إبِلٌ عَنْ حِسَابِهَا، مَنْ أَعْطَاهَا مُؤْتَجِرًا فَلَهُ أَجْرُهَا، عَزْمَةٌ مِنْ عَزَمَاتِ رَبِّنَا؛ لَا يَحِلُّ لِآلِ مُحَمَّدٍ مِنْهَا شَيْءٌ، وَمَنْ مَنَعَهَا فَإِنَّا آخِذُوهَا وَشَطْرَ إبِلِهِ»
قَالُوا: فَمَنْ أَخَذَ الْغَنَمَ مِنْ أَرْبَعِينَ نَاقَةً لِثَمَانِيَةِ شُرَكَاءَ؛ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ خَمْسٌ، فَقَدْ فَرَّقَهَا عَنْ حِسَابِهَا، وَلَمْ يَخُصَّ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - مِلْكَ وَاحِدٍ مِنْ مِلْكِ جَمَاعَةٍ؟ قَالَ أَبُو مُحَمَّدٍ: فَنَقُولُ لَهُمْ وَبِاَللَّهِ تَعَالَى نَتَأَيَّدُ: إنَّ كُلَّ هَذَا الْخَبَرِ عِنْدَكُمْ حُجَّةٌ فَخُذُوا بِمَا فِيهِ، مِنْ أَنَّ مَانِعَ الزَّكَاةِ تُؤْخَذُ مِنْهُ وَشَطْرُ إبِلِهِ زِيَادَةٌ؟ فَإِنْ قُلْتُمْ: هَذَا مَنْسُوخٌ؟ قُلْنَا لَكُمْ: هَذِهِ دَعْوَى بِلَا حُجَّةٍ، لَا يَعْجِزُ عَنْ مِثْلِهَا خُصُومُكُمْ، فَيَقُولُوا لَكُمْ وَاَلَّذِي تَعَلَّقْتُمْ بِهِ مِنْهُ مَنْسُوخٌ وَإِنْ كَانَ الْمِشْغَبُ بِهِ مَالِكِيًّا؟ قُلْنَا لَهُمْ: فَإِنْ كَانَ شَرِيكُهُ مُكَاتِبًا أَوْ نَصْرَانِيًّا فَإِنْ قَالُوا: هَذَا قَدْ خَصَّتْهُ أَخْبَارٌ أُخَرُ؟ قُلْنَا: وَهَذَا نَصٌّ قَدْ خَصَّتْهُ أَخْبَارٌ أُخَرُ، وَهِيَ أَنْ لَا زَكَاةَ فِي أَرْبَعٍ مِنْ الْإِبِلِ فَأَقَلَّ،
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute