سُنَّةٌ بِكَرَاهَتِهِ خَطَأٌ، وَهُمْ لَا يَكْرَهُونَ الْمَضْمَضَةَ، وَلَا فَرْقَ بَيْنَهُمَا وَبَيْنَ مَضْغِ الطَّعَامِ؛ بَلْ الْمَاءُ أَخْفَى وُلُوجًا وَأَشَدُّ امْتِزَاجًا بِالرِّيقِ مِنْ الطَّعَامِ؛ وَهَذَا مِمَّا خَالَفُوا فِيهِ الْقِيَاسَ؟ وَاحْتَجَّ الشَّافِعِيُّ بِالْخَبَرِ الثَّابِتِ: «إنَّ خُلُوفَ فَمِ الصَّائِمِ أَطْيَبُ عِنْدَ اللَّهِ مِنْ رِيحِ الْمِسْكِ» .
قَالَ أَبُو مُحَمَّدٍ: الْخُلُوفُ خَارِجٌ مِنْ الْحَلْقِ، وَلَيْسَ فِي الْأَسْنَانِ، وَالْمَضْمَضَةُ تَعْمَلُ فِي ذَلِكَ عَمَلَ السِّوَاكِ، وَهُوَ لَا يَكْرَهُهَا، وَقَوْلُ الشَّافِعِيِّ فِي هَذَا هُوَ قَوْلُ مُجَاهِدٍ، وَوَكِيعٍ، وَغَيْرِهِمَا.
وَقَدْ حَصَّ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَلَى السِّوَاكِ لِكُلِّ صَلَاةٍ، وَلَمْ يَخُصَّ صَائِمًا مِنْ غَيْرِهِ فَالسِّوَاكُ سُنَّةٌ - لِلْعَصْرِ، وَالْمَغْرِبِ، وَسَائِرِ الصَّلَوَاتِ؟ وَقَدْ كَرِهَ أَبُو مَيْسَرَةَ الرَّطْبَ مِنْ السِّوَاكِ لِلصَّائِمِ، وَلَمْ يَكْرَهْهُ الْحَسَنُ وَغَيْرُهُ.
وَرُوِّينَا مِنْ طَرِيقِ الْحَسَنِ، وَحَمَّادٍ، وَإِبْرَاهِيمَ: أَنَّهُمْ كَانُوا لَا يَكْرَهُونَ لِلصَّائِمِ أَنْ يَمْضُغَ الطَّعَامَ لِلصَّبِيِّ، وَكَانَ الْحَسَنُ يَفْعَلُهُ
وَأَمَّا مَضْغُ الْعِلْكِ، وَالزِّفْتِ، وَالْمَصْطَكَى: فَرُوِّينَا مِنْ طَرِيقٍ لَا يَصِحُّ عَنْ أُمِّ حَبِيبَةَ أُمِّ الْمُؤْمِنِينَ: أَنَّهَا كَرِهَتْ الْعِلْكَ لِلصَّائِمِ؟ وَرُوِّينَا عَنْ الشَّعْبِيِّ: أَنَّهُ لَمْ يَرَ بِهِ بَأْسًا؟ وَقَدْ قُلْنَا: إنَّ مَا لَمْ يَكُنْ أَكْلًا، وَلَا شُرْبًا، وَلَا جِمَاعًا، وَلَا مَعْصِيَةً: فَهُوَ مُبَاحٌ فِي الصَّوْمِ؛ وَلَمْ يَأْتِ بِهِ نَصٌّ بِنَهْيِ الصَّائِمِ عَنْ شَيْءٍ مِمَّا ذَكَرْنَا، وَلَيْسَ أَكْلًا، وَلَا شُرْبًا، وَلَا يَنْقُصُ مِنْهُ شَيْءٌ بِطُولِ الْمَضْغِ لَوْ وُزِنَ - وَبِاَللَّهِ تَعَالَى التَّوْفِيقُ
وَأَمَّا غُبَارُ مَا يُغَرْبَلُ فَقَدْ ذَكَرْنَا عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ: أَنَّهُ لَا يُفْطِرُ، وَرُوِّينَاهُ أَيْضًا مِنْ طَرِيقِ ابْنِ وَضَّاحٍ عَنْ سَحْنُونَ وَهُوَ لَا يُسَمَّى أَكْلًا، وَلَا شُرْبًا، فَلَا يُفْطِرُ الصَّائِمَ
وَأَمَّا طَعَامٌ يَخْرُجُ مِنْ بَيْنِ الْأَسْنَانِ فِي أَيِّ وَقْتٍ مِنْ النَّهَارِ خَرَجَ فَرَمَى بِهِ -: فَهَذَا لَمْ يَأْكُلْ، وَلَا شَرِبَ؛ فَلَا حَرَج، وَلَا يُبْطِلُ الصَّوْمَ -: وَبِاَللَّهِ تَعَالَى التَّوْفِيقُ؛ وَهُوَ قَوْلُهُمْ كُلُّهُمْ.
وَأَمَّا مَنْ أَصْبَحَ جُنُبًا عَامِدًا أَوْ نَاسِيًا - مَا لَمْ يَتَعَمَّدْ التَّمَادِي ضُحًى كَذَلِكَ حَتَّى يَتْرُكَ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute