وَالثَّانِي: أَنَّهُ حَتَّى لَوْ أَمَرَهُ بِذَلِكَ لِلصَّوْمِ لَكَانَ حُجَّةً لَنَا لَا لَهُمْ؛ لِأَنَّ الْأَكْلَ، وَالْجِمَاعَ: مُبَاحَانِ إلَى أَنْ يُنْذِرَهُمْ بِلَالٌ بِطُلُوعِ الْفَجْرِ، وَإِنْذَارُهُ إيَّاهُمْ بِطُلُوعِ الْفَجْرِ لَا يَكُونُ إلَّا بَعْدَ طُلُوعِ الْفَجْرِ بِلَا شَكٍّ؛ فَالْأَكْلُ، وَالشُّرْبُ، وَالْجِمَاعُ: مُبَاحٌ كُلُّ ذَلِكَ، وَلَوْ طَلَعَ الْفَجْرُ، وَإِنَّمَا يَحْرُمُ كُلُّ ذَلِكَ بِإِنْذَارِ بِلَالٍ بَعْدَ طُلُوعِ الْفَجْرِ؛ هَذَا مَا لَا حِيلَةَ لَهُمْ فِيهِ، وَقَوْلُهُمْ هُنَا خِلَافٌ لِلْقُرْآنِ وَلِجَمِيعِ السُّنَنِ -: حَدَّثَنَا حُمَامُ بْنُ أَحْمَدَ ثنا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ الْبَاجِيَّ ثنا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ أَيْمَنَ ثنا حَبِيبُ بْنُ خَلَفٍ الْبُخَارِيُّ ثنا أَبُو ثَوْرِ إبْرَاهِيمَ بْنِ خَالِدٍ ثنا رَوْحُ بْنُ عُبَادَةَ ثنا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ عَنْ عَاصِمٍ بْنِ أَبِي النَّجُودِ عَنْ «زِرِّ بْنِ حُبَيْشٍ قَالَ تَسَحَّرْتُ ثُمَّ انْطَلَقْتُ إلَى الْمَسْجِدِ، فَدَخَلْتُ عَلَى حُذَيْفَةَ، فَأَمَرَ بِلِقْحَةٍ فَحُلِبَتْ، ثُمَّ أَمَرَ بِقِدْرٍ فَسُخِّنَتْ، ثُمَّ قَالَ: كُلْ. قُلْتُ: إنِّي أُرِيدُ الصَّوْمَ، قَالَ: وَأَنَا أُرِيدُ الصَّوْمَ، فَأَكَلْنَا ثُمَّ شَرِبْنَا ثُمَّ أَتَيْنَا الْمَسْجِدَ وَقَدْ أُقِيمَتْ الصَّلَاةُ، فَقَالَ حُذَيْفَةُ: هَكَذَا فَعَلَ بِي رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ - فَقُلْتُ: بَعْدَ الصُّبْحِ؟ قَالَ: بَعْدَ الصُّبْحِ؛ إلَّا أَنَّ الشَّمْسَ لَمْ تَطْلُعْ» . حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ سَعِيدِ بْنِ نَبَاتٍ ثنا عَبْدِ اللَّهِ بْنِ نَصْرٍ ثنا قَاسِمُ بْنُ أَصْبَغَ ثنا ابْنُ وَضَّاحٍ ثنا مُوسَى بْنِ مُعَاوِيَةَ ثنا وَكِيعٌ عَنْ سُفْيَانَ الثَّوْرِيِّ عَنْ عَاصِمِ بْنِ أَبِي النَّجُودِ «عَنْ زِرِّ بْنِ حُبَيْشٍ قُلْتُ لِحُذَيْفَةَ: أَيُّ وَقْتٍ تَسَحَّرْتُمْ مَعَ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ -؟ قَالَ: هُوَ النَّهَارُ، إلَّا أَنَّ الشَّمْسَ لَمْ تَطْلُعْ» . وَمِنْ طَرِيقِ حَمَّادِ بْنِ سَلَمَةَ عَنْ عَمَّارِ بْنِ أَبِي عَمَّارٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ عَنْ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ - قَالَ: «إذَا سَمِعَ أَحَدُكُمْ النِّدَاءَ وَالْإِنَاءُ عَلَى يَدِهِ فَلَا يَضَعْهُ حَتَّى يَقْضِيَ حَاجَتَهُ مِنْهُ» قَالَ عَمَّارٌ: وَكَانُوا يُؤَذِّنُونَ إذَا بَزَغَ الْفَجْرُ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute