للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَائِشَةَ أُمِّ الْمُؤْمِنِينَ «أَنَّ حَمْزَةَ بْنَ عَمْرٍو الْأَسْلَمِيَّ قَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ إنِّي رَجُلٌ أَسْرُدُ الصَّوْمَ أَفَأَصُومُ فِي السَّفَرِ؟ قَالَ: صُمْ إنْ شِئْتَ» . قَالَ عَلِيٌّ: كُلُّ هَذَا لَا حُجَّةَ لَهُمْ فِيهِ؛ أَمَّا حَدِيثُ أَبِي الدَّرْدَاءِ -: فَلَيْسَ فِيهِ أَنَّ ذَلِكَ كَانَ فِي رَمَضَانَ أَصْلًا، وَإِقْحَامُ مَا لَيْسَ فِي الْخَبَرِ كَذِبٌ؛ وَقَدْ يُمْكِنُ أَنْ يَكُونَ تَطَوُّعًا فَلَا نُنْكِرُهُ فَلَا مُتَعَلَّقَ لَهُمْ وَلَا لَنَا فِيهِ. وَأَمَّا حَدِيثُ أَبِي سَعِيدٍ فَطَرِيقُ مُعَاوِيَةَ بْنِ صَالِحٍ لَا يُحْتَجُّ بِهَا؛ ثُمَّ هَبْكَ أَنَّهَا صَحِيحَةٌ فَهُوَ حُجَّةٌ لَنَا عَلَيْهِمْ؛ لِأَنَّ فِيهِ: أَنَّ آخِرَ أَمْرِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كَانَ الْفِطْرُ، هَذَا إنْ صَحَّ أَنَّهُ كَانَ فِي رَمَضَانَ. وَفِي حَدِيثِ حَمَّادِ بْنِ سَلَمَةَ الْمَذْكُورِ؛ وَحَدِيثِ ابْنِ عَبَّاسٍ بَيَانٌ أَنَّهُ كَانَ فِي رَمَضَانَ، وَفِيهِمَا عَلَى أَبِي حَنِيفَةَ، وَمَالِكٍ، وَالشَّافِعِيِّ: أَمْرٌ عَظِيمٌ، لِأَنَّهُمْ لَا يُجِيزُونَ لِمَنْ صَامَ وَهُوَ مُسَافِرٌ فِي رَمَضَانَ أَنْ يُفْطِرَ فِي ذَلِكَ الْيَوْمِ الَّذِي ابْتَدَأَ صِيَامَهُ، وَاتَّفَقُوا عَلَى أَنَّهُ مُخْطِئٌ وَمَا يَبْعُدُ عَنْهُمْ إطْلَاقُ اسْمِ الْمَعْصِيَةِ عَلَيْهِ، وَمَالِكٌ يَرَى عَلَيْهِ الْكَفَّارَةُ؛ فَلْيَنْظُرْ نَاصِرُ أَقْوَالِهِمْ فَبِمَاذَا يَدْخُلُ فِي احْتِجَاجِهِ بِهَذَيْنِ الْخَبَرَيْنِ مِنْ إطْلَاقِ اسْمِ الْخَطَأِ وَالْمَعْصِيَةِ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَإِيجَابِ الْكَفَّارَةِ عَلَيْهِ فِي إفْطَارِهِ، وَهَذَا خُرُوجٌ عَنْ الْإِسْلَامِ مِمَّنْ أَقْدَمَ عَلَيْهِ. وَأَمَّا نَحْنُ فَنَقُولُ: لَوْ صَحَّ أَنَّهُ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - كَانَ صَائِمًا يَنْوِيه مِنْ رَمَضَانَ لَكَانَ ذَلِكَ مَنْسُوخًا بِآخِرِ أَمْرِهِ، وَآخِرِ فِعْلِهِ، وَإِذْ لَمْ يَأْتِ ذَلِكَ فِي شَيْءٍ مِنْ الْأَخْبَارِ فَيُمْكِنُ أَنْ يَكُونَ صَامَ تَطَوُّعًا، وَالْفِطْرُ لِلصَّائِمِ تَطَوُّعًا مُبَاحٌ مُطْلَقٌ لَا كَرَاهَةَ فِيهِ كَمَا فَعَلَ - عَلَيْهِ السَّلَامُ -. وَالْعَجَبُ كُلُّ الْعَجَبِ مِمَّنْ يَقُولُ فِي الْخَبَرِ الثَّابِتِ «أَنَّ امْرَأَةً كَانَتْ تَسْتَعِيرُ الْحُلِيَّ وَتَجْحَدُهُ فَأَمَرَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بِقَطْعِ يَدِهَا» : لَعَلَّهُ إنَّمَا قَطَعَ يَدَهَا لِغَيْرِ ذَلِكَ.

<<  <  ج: ص:  >  >>