للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَيَقُولُ فِي الْخَبَرِ الثَّابِتِ «أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - رَأَى رَجُلًا يُصَلِّي خَلْفَ الصَّفِّ وَحْدَهُ فَأَمَرَهُ بِإِعَادَةِ الصَّلَاةِ» : لَعَلَّهُ إنَّمَا أَمَرَهُ بِالْإِعَادَةِ لِغَيْرِ ذَلِكَ. وَيَقُولُ فِي الْخَبَرِ «أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - رَأَى رَجُلًا يُصَلِّي رَكْعَتَيْ الْفَجْرِ وَالصَّلَاةُ تُقَامُ فَقَالَ لَهُ: بِأَيِّ صَلَاتَيْكَ تَعْتَدُّ» : لَعَلَّهُ إنَّمَا أَنْكَرَ عَلَيْهِ أَنَّهُ صَلَّاهُمَا بَيْنَ النَّاسِ مُكَابَرَةً لِلْبَاطِلِ: وَفِي الْخَبَرِ مَنْصُوصٌ أَنَّهُ كَانَ يُصَلِّيهِمَا نَاحِيَةً. ثُمَّ لَا يَقُولُ هَاهُنَا: لَعَلَّهُ كَانَ يَصُومُ تَطَوُّعًا؛ وَهَاهُنَا يَجِبُ أَنْ يُقَالَ هَذَا؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ فِي الْأَخْبَارِ دَلِيلٌ عَلَى غَيْرِ ذَلِكَ؛ وَأَمَّا تِلْكَ الْأَخْبَارُ فَلَيْسَ مِنْهَا شَيْءٌ يَحْتَمِلُ مَا تَأَوَّلُوهُ لِأَنَّ نَصَّهَا يَمْنَعُ مِنْ ذَلِكَ. وَالْعَجَبُ مِمَّنْ يَحْتَجُّ «بِقَوْلِ أَبِي سَعِيدٍ ثُمَّ لَقَدْ رَأَيْتُنَا نَصُومُ بَعْدَ ذَلِكَ فِي السَّفَرِ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -» فِي إجَازَةِ مَا لَيْسَ فِي الْخَبَرِ مِنْهُ أَثَرٌ وَلَا عَثْرٌ مِنْ إجَازَةِ الصَّوْمِ لِرَمَضَانَ فِي السَّفَرِ؛ وَلَيْسَ فِي الْخَبَرِ أَنَّهُ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - عَلِمَ بِذَلِكَ فَأَقَرَّهُ. وَهُمْ لَا يَرَوْنَ «قَوْلَ أَسْمَاءَ: ذَبَحْنَا عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَرَسًا فَأَكَلْنَاهُ» حُجَّةً، وَلَا يَرَوْنَ قَوْلَ ابْنِ عَبَّاسٍ «إنَّ طَلَاقَ الثَّلَاثِ كَانَتْ تُجْعَلُ عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَاحِدَةً» حُجَّةً. وَهَذَا عَجَبٌ عَجِيبٌ وَإِنَّمَا فِي حَدِيثِ أَبِي سَعِيدٍ إبَاحَةُ الصَّوْمِ فِي السَّفَرِ وَنَحْنُ لَا نُنْكِرُهُ تَطَوُّعًا أَوْ فَرْضًا غَيْرَ رَمَضَانَ؛ وَمِمَّا يُبَيِّنُ هَذَا أَنَّهُ لَا يُعْلَمُ أَنَّهُ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - سَافَرَ فِي رَمَضَانَ بَعْدَ عَامِ الْفَتْحِ. وَأَمَّا خَبَرُ حَمْزَةَ فَبَيَانٌ جَلِيٌّ فِي أَنَّهُ إنَّمَا سَأَلَهُ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - عَنْ التَّطَوُّعِ لِقَوْلِهِ فِي الْخَبَرِ «إنِّي امْرُؤٌ أَسْرُدُ الصَّوْمَ أَفَأَصُومُ فِي السَّفَرِ» ؟ وَكَانَ كَثِيرَ الصِّيَامِ فَبَطَلَ كُلُّ مَا تَأَوَّلُوهُ، وَبَطَلَ أَنْ يَكُونَ لَهُمْ فِي شَيْءٍ مِنْ هَذِهِ الْأَخْبَارِ حُجَّةٌ - وَبِاَللَّهِ تَعَالَى التَّوْفِيقُ. قَالَ أَبُو مُحَمَّدٍ: فَإِذْ لَمْ يَبْقَ لَهُمْ حُجَّةٌ لَا مِنْ قُرْآنٍ وَلَا مِنْ سُنَّةٍ فَلِنَذْكُرَ الْآنَ الْبَرَاهِينَ عَلَى صِحَّةِ قَوْلِنَا بِحَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى وَقُوَّتِهِ -:

<<  <  ج: ص:  >  >>