شَيْءٌ مِنْ ذَلِكَ؛ إذْ لَا نَصَّ فِي وُجُوبِهِ وَلَا إجْمَاعَ، وَعَهْدُنَا بِهِمْ يَقُولُونَ فِي قَوْلِ الصَّاحِبِ إذَا وَافَقَهُمْ. مِثْلُ هَذَا لَا يُقَالُ بِالرَّأْيِ، فَهَلَّا قَالُوا هَاهُنَا فِي قَوْلِ ابْنِ عُمَرَ فِي إسْقَاطِ الْقَضَاءِ؟
وَقَدْ رُوِّينَا عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ مِثْلَ قَوْلِنَا كَمَا رُوِّينَا عَنْ إسْمَاعِيلَ بْنِ إِسْحَاقَ نا إبْرَاهِيمُ بْنُ حَمْزَةَ الزُّبَيْرِيِّ نا عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ مُحَمَّدٍ هُوَ الدَّرَاوَرْدِيُّ عَنْ حُمَيْدٍ عَنْ بَكْرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ الْمُزَنِيِّ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّهُ سُئِلَ عَنْ مُرْضِعٍ فِي رَمَضَانَ خَشِيَتْ عَلَى وَلَدِهَا فَرَخَّصَ لَهَا ابْنُ عَبَّاسٍ فِي الْفِطْرِ.
قَالَ عَلِيٌّ: وَلَمْ يَذْكُرْ قَضَاءً وَلَا طَعَامًا، وَقَالَ مَالِكٌ: أَمَّا الْمُرْضِعُ فَتُفْطِرُ وَتُطْعِمُ عَنْ كُلِّ يَوْمٍ مِسْكِينًا وَتَقْضِي مَعَ ذَلِكَ، وَأَمَّا الْحَامِلُ فَتَقْضِي وَلَا إطْعَامَ عَلَيْهَا، وَلَا يُحْفَظْ هَذَا التَّقْسِيمُ عَنْ أَحَدٍ مِنْ الصَّحَابَةِ وَالتَّابِعِينَ؟ قَالَ أَبُو مُحَمَّدٍ: احْتَجَّ مَنْ رَأَى الْإِطْعَامَ فِي ذَلِكَ بِقَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى: {وَعَلَى الَّذِينَ يُطِيقُونَهُ فِدْيَةٌ طَعَامُ مِسْكِينٍ} [البقرة: ١٨٤] .
وَذَكَرُوا مَا رُوِّينَاهُ مِنْ طَرِيقِ حَمَّادِ بْنِ سَلَمَةَ نَا قَتَادَةُ عَنْ عِكْرِمَةَ قَالَ: نَزَلَتْ هَذِهِ الْآيَةُ فِي الْحُبْلَى وَالْمُرْضِعِ، وَالشَّيْخِ، وَالْعَجُوزِ.
وَاحْتَجَّ مَنْ رَأَى الْقَضَاءَ بِمَا رُوِّينَاهُ مِنْ طَرِيقِ يَزِيدَ بْنِ هَارُونَ عَنْ جُوَيْبِرٍ عَنْ الضَّحَّاكِ بْنِ مُزَاحِمٍ قَالَ: «كَانَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يُرَخِّصُ لِلْحُبْلَى، وَالْمُرْضِعِ أَنْ يُفْطِرَا فِي رَمَضَانَ فَإِذَا أَفْطَمَتْ الْمُرْضِعُ، وَوَضَعَتْ الْحُبْلَى جَدَّدَتَا صَوْمَهُمَا» . قَالَ عَلِيٌّ: حَدِيثُ عِكْرِمَةَ مُرْسَلٌ؛ وَحَدِيثُ الضَّحَّاكِ فِيهِ ثَلَاثُ بَلَايَا، جُوَيْبِرٌ وَهُوَ سَاقِطٌ وَالضَّحَّاكُ مِثْلُهُ وَالْإِرْسَالُ مَعَ ذَلِكَ، لَكِنَّ الْحَقَّ فِي ذَلِكَ مَا رُوِّينَاهُ قَبْلُ فِي حُكْمِ الصَّوْمِ فِي السَّفَرِ مِنْ طَرِيقِ سَلَمَةَ بْنِ الْأَكْوَعِ، أَنَّ هَذِهِ الْآيَةَ مَنْسُوخَةٌ.
وَمِنْ طَرِيقِ حَمَّادِ بْنِ زَيْدٍ عَنْ سَلَمَةَ بْنِ عَلْقَمَةَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ سِيرِينَ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّهُ قَرَأَ هَذِهِ الْآيَةَ {فِدْيَةٌ طَعَامُ مِسْكِينٍ} [البقرة: ١٨٤] فَقَالَ: هِيَ مَنْسُوخَةٌ، فَهَذَا هُوَ الْمُسْنَدُ الصَّحِيحُ الَّذِي لَا يَجُوزُ خِلَافُهُ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute