للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَأَكْذَبَهُمْ أَيْضًا مَا رُوِّينَا عَنْ عِكْرِمَةَ آنِفًا مِنْ مَنْعِهِ إيَّاهَا مَا زَادَ عَلَى الثَّلَاثِ لَا مَا دُونَ ذَلِكَ.

وَالْعَجَبُ أَنَّهُمْ يَقُولُونَ فِي امْرَأَةٍ لَا تَجِدُ مَعَاشًا أَصْلًا إلَّا عَلَى ثَلَاثٍ فَصَاعِدًا؛ أَنَّهَا تَخْرُجُ بِلَا زَوْجٍ وَلَا ذِي مَحْرَمٍ.

وَيَقُولُونَ فِيمَنْ حَفَّزَتْهَا فِتْنَةٌ - وَخَشِيَتْ عَلَى، نَفْسِهَا غَلَبَةَ الْكُفَّارِ، وَالْمُحَارِبِينَ، أَوْ الْفُسَّاقِ وَلَمْ تَجِدْ أَمْنًا إلَّا عَلَى ثَلَاثٍ فَصَاعِدًا - أَنَّهَا تَخْرُجُ مَعَ غَيْرِ زَوْجٍ وَمَعَ غَيْرِ ذِي مَحْرَمٍ، وَطَاعَةُ اللَّهِ تَعَالَى فِي الْحَجِّ وَاجِبَةٌ عَلَيْهَا كَوُجُوبِ خَلَاصِ رُوحِهَا.

فَإِنْ قَالُوا: الزَّوْجُ وَالْمَحْرَمُ مِنْ السَّبِيلِ؟ قُلْنَا: عَلَيْكُمْ الدَّلِيلُ وَإِلَّا فَهِيَ دَعْوَى فَاسِدَةٌ لَمْ يَعْجِزْ عَنْ مِثْلِهَا أَحَدٌ، فَسَقَطَ هَذَا الْقَوْلُ الْفَاسِدُ جُمْلَةً - وَبِاَللَّهِ تَعَالَى التَّوْفِيقُ.

ثُمَّ نَظَرَنَا فِي قَوْلِ عِكْرِمَةَ وَاحْتِجَاجِهِ بِالْخَبَرِ الَّذِي فِيهِ مَا زَادَ عَلَى الثَّلَاثِ فَوَجَدْنَاهُ لَا حُجَّةَ لَهُ فِيهِ لِمَا ذَكَرْنَا مِنْ أَنَّ سَائِرَ الْأَخْبَارِ وَرَدَتْ بِالْمَنْعِ، مِمَّا دُونَ الثَّلَاثِ؛ فَلَيْسَ الْخَبَرُ الَّذِي فِيهِ نَهْيُهَا عَنْ أَنْ تُسَافِرَ ثَلَاثًا أَوْ أَكْثَرَ مِنْ ثَلَاثٍ بِأَوْلَى مِنْ سَائِرِ الْأَخْبَارِ الَّتِي فِيهَا مَنْعُهَا مِنْ سَفَرِ أَقَلَّ مِنْ ثَلَاثٍ؟ قَالَ أَبُو مُحَمَّدٍ: فَبَطَلَ هَذَا الْقَوْلُ أَيْضًا وَلَمْ يَبْقَ إلَّا قَوْلُنَا، أَوْ قَوْلُ النَّخَعِيِّ، وَالشَّعْبِيِّ، وَطَاوُسٍ، وَالْحَسَنِ فِي مَنْعِهَا جُمْلَةً أَوْ إطْلَاقِهَا جُمْلَةً؛ فَوَجَدْنَا الْمَانِعِينَ يَحْتَجُّونَ بِالْأَخْبَارِ الَّتِي ذَكَرْنَا، وَهِيَ أَخْبَارٌ صِحَاحٌ لَا يَحِلُّ خِلَافُهَا إلَّا لِنَصٍّ آخَرَ يُبَيِّنُ حُكْمَهَا إنْ وُجِدَ.

فَنَظَرْنَا فَوَجَدْنَا مَا حَدَّثَنَاهُ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ نا أَحْمَدُ بْنُ فَتْحٍ نا عَبْدُ الْوَهَّابِ بْنُ عِيسَى نا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدٍ نا أَحْمَدُ بْنُ عَلِيٍّ نا مُسْلِمُ بْنُ الْحَجَّاجِ نا ابْنُ نُمَيْرٍ نا أُبَيٌّ، وَابْنُ إدْرِيسَ قَالَا: نا عُبَيْدُ اللَّهِ هُوَ ابْنُ عُمَرَ - عَنْ نَافِعٍ عَنْ ابْنِ عُمَرَ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «وَلَا تَمْنَعُوا إمَاءَ اللَّهِ مَسَاجِدَ اللَّهِ» .

وَبِهِ إلَى ابْنِ نُمَيْرٍ نا أُبَيٌّ نا حَنْظَلَةُ هُوَ ابْنُ أَبِي سُفْيَانَ الْجُمَحِيُّ - قَالَ: سَمِعْتُ سَالِمًا هُوَ ابْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ يَقُولُ: سَمِعْتُ ابْنَ عُمَرَ يَقُولُ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَقُولُ: «إذَا اسْتَأْذَنَكُمْ نِسَاؤُكُمْ إلَى الْمَسَاجِدِ فَأْذَنُوا لَهُنَّ» فَأَمَرَ - عَلَيْهِ السَّلَامُ -

<<  <  ج: ص:  >  >>