للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَقَالَ بَعْضُهُمْ: قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: {وَلا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى} [الأنعام: ١٦٤] .

قَالَ عَلِيٌّ: إذَا أَمَرَ اللَّهُ تَعَالَى أَنْ تَزِرَ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى لَزِمَ ذَلِكَ، وَكَانَ مَخْصُوصًا مِنْ هَذِهِ الْآيَةِ؛ وَقَدْ أَجْمَعُوا مَعَنَا عَلَى أَنَّ الْعَاقِلَةَ لَمْ تَقْتُلْ وَأَنَّهَا تَغْرَمُ عَنْ الْقَاتِلِ، وَلَمْ يَعْتَرِضُوا عَلَى ذَلِكَ بِهَذِهِ الْآيَةِ، وَلَيْسَ هُوَ إجْمَاعًا؛ فَإِنَّ عُثْمَانَ الْبَتِّيَّ لَا يَرَى حُكْمَ الْعَاقِلَةِ.

وَأَيْضًا: فَإِنَّ الَّذِي أَتَانَا بِهَذَا هُوَ الَّذِي افْتَرَضَ أَنْ يُحَجَّ عَنْ الْعَاجِزِ، وَالْمَيِّتِ، وَقَدْ قَالَ تَعَالَى: {مَنْ يُطِعِ الرَّسُولَ فَقَدْ أَطَاعَ اللَّهَ} [النساء: ٨٠] وَهُمْ يُجِيزُونَ الْحَجَّ عَنْ الْمَيِّتِ إذَا أَوْصَى بِذَلِكَ، وَالصَّدَقَةَ عَنْ الْحَيِّ، وَالْمَيِّتِ، وَالْعِتْقَ عَنْهُمَا أَوْصَيَا بِذَلِكَ أَوْ لَمْ يُوصِيَا، وَلَا يَعْتَرِضُونَ فِي ذَلِكَ بِهَذِهِ الْآيَةِ.

فَإِنْ قَالُوا: لَمَّا أَوْصَى بِالْحَجِّ كَانَ مِمَّا سَعَى؟ قُلْنَا لَهُمْ: فَأَوْجِبُوا بِذَلِكَ أَنْ يُصَامَ عَنْهُ إذَا أَوْصَى بِذَلِكَ؛ لِأَنَّهُ مِمَّا سَعَى.

فَإِنْ قَالُوا: عَمَلُ الْأَبَدَانِ لَا يَعْمَلُهُ أَحَدٌ عَنْ أَحَدٍ؟ فَقُلْنَا: هَذَا بَاطِلٌ وَدَعْوَى كَاذِبَةٌ، وَمِنْ أَيْنَ قُلْتُمْ هَذَا؟ بَلْ كُلُّ عَمَلٍ إذَا أَمَرَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بِهِ أَنْ يَعْمَلَهُ الْمَرْءُ عَنْ غَيْرِهِ وَجَبَ ذَلِكَ عَلَى رَغْمِ أَنْفِ الْمُعَانِدِ فَإِنْ قَالُوا: قِيَاسًا عَلَى الصَّلَاةِ؟

<<  <  ج: ص:  >  >>