للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قَالَ عَلِيٌّ: وَهَذَا رَوَاهُ إبْرَاهِيمُ بْنُ يَزِيدَ، وَهُوَ سَاقِطٌ لَا يُحْتَجُّ بِحَدِيثِهِ، ثُمَّ لَوْ صَحَّ لَمَا كَانَتْ لَهُمْ فِيهِ حُجَّةٌ، لِأَنَّهُ لَا يُمْكِنُ أَشْعَثَ تَفِلًا مِنْ أَوَّلِ يَوْمٍ وَلَا بَعْدَ يَوْمَيْنِ وَثَلَاثَةٍ؛ وَإِنَّمَا أَبَحْنَا لَهُ الطِّيبَ عِنْدَ الْإِحْرَامِ، وَعِنْدَ الْإِحْلَالِ كَغَسْلِ الرَّأْسِ بِالْخِطْمِيِّ حِينَئِذٍ؟ وَشَغَبَ بَعْضُهُمْ بِالْخَبَرِ الثَّابِتِ الَّذِي رُوِّينَاهُ مِنْ طَرِيقِ مُسْلِمٍ عَنْ عَلِيِّ بْنِ خَشْرَمٍ أَنَا عِيسَى هُوَ ابْنُ يُونُسَ - عَنْ ابْنِ جُرَيْجٍ أَخْبَرَنِي عَطَاءٌ: «أَنَّ صَفْوَانَ بْنَ يَعْلَى بْنِ أُمَيَّةَ أَخْبَرَهُ: أَنَّ أَبَاهُ كَانَ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بِالْجِعْرَانَةِ وَعَلَى رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - ثَوْبٌ قَدْ أَظَلَّ بِهِ عَلَيْهِ مَعَهُ نَاسٌ مِنْ أَصْحَابِهِ فِيهِمْ عُمَرُ إذْ جَاءَهُ رَجُلٌ عَلَيْهِ جُبَّةُ صُوفٍ مُتَضَمِّخٌ بِطِيبٍ فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ كَيْف تَرَى فِي رَجُلٍ أَحْرَمَ بِعُمْرَةٍ فِي جُبَّةٍ بَعْدَمَا تَضَمَّخَ بِطِيبٍ؟ فَجَاءَهُ الْوَحْيُ فَذَكَرَ الْخَبَرَ. وَفِيهِ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ لَهُ أَمَّا الطِّيبُ الَّذِي بِك فَاغْسِلْهُ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ، وَأَمَّا الْجُبَّةُ فَانْزِعْهَا ثُمَّ اصْنَعْ فِي عُمْرَتِكَ مَا تَصْنَعُ فِي حَجِّكَ» .

وَهَكَذَا رُوِّينَاهُ مِنْ طَرِيقِ يَحْيَى الْقَطَّانِ عَنْ ابْنِ جُرَيْجٍ نَصًّا.

قَالَ عَلِيٌّ: فِي احْتِجَاجِهِمْ بِهَذَا الْخَبَرِ عِبْرَةٌ وَلَا حُجَّةَ لَهُمْ فِيهِ، أَمَّا الْعَجَبُ فَإِنَّهُ كَانَ فِي الْجِعْرَانَةِ كَمَا ذُكِرَ فِي الْحَدِيثِ وَعُمْرَةُ الْجِعْرَانَةِ كَانَتْ إثْرَ فَتْحِ مَكَّةَ مُتَّصِلَةٌ بِهِ فِي ذِي الْقَعْدَةِ؟ لِأَنَّ فَتْحَ مَكَّةَ كَانَ فِي شَهْرِ رَمَضَانَ، وَكَانَتْ حُنَيْنٌ مُتَّصِلَةً بِهِ، ثُمَّ عُمْرَةُ الْجِعْرَانَةِ مُنْصَرِفُهُ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - مِنْ حُنَيْنٍ؛ ثُمَّ حَجَّ تِلْكَ السَّنَةِ عَتَّابُ بْنُ أُسَيْدَ؛ ثُمَّ كَانَ عَامٌ قَابِلٌ فَحَجَّ بِالنَّاسِ أَبُو بَكْرٍ؛ ثُمَّ كَانَتْ حَجَّةُ الْوَدَاعِ فِي الْعَامِ الثَّالِثِ؛ وَكَانَ تَطَيُّبُ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَأَزْوَاجُهُ، مَعَهُ فِي حَجَّةِ الْوَدَاعِ بَعْدَ حَدِيثِ هَذَا الرَّجُلِ بِأَزْيَدَ مِنْ عَامَيْنِ؛ فَمَنْ أَعْجَبُ مِمَّنْ يُعَارِضُ آخِرَ فِعْلِهِ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - بِأَوَّلِ فِعْلِهِ هَذَا؟ لَوْ صَحَّ أَنَّ حَدِيثَ يَعْلَى بْنِ أُمَيَّةَ فِيهِ نَهْيٌ عَنْ الطِّيبِ لِلْمُحْرِمِ، وَهَذَا لَا يَصِحُّ لَهُمْ - لِمَا نَذْكُرُهُ إنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى.

وَأَمَّا كَوْنُهُ لَا حُجَّةَ لَهُمْ فِيهِ؛ فَإِنَّ هَذَا الْخَبَرَ رَوَاهُ مَنْ هُوَ أَحْفَظُ مِنْ ابْنِ جُرَيْجٍ وَأَجَلُّ مِنْهُ فَبَيَّنَهُ كَمَا حَدَّثَنَا حُمَامٌ ثنا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ الْبَاجِيَّ نَا أَحْمَدُ بْنُ خَالِدٍ نَا عُبَيْدُ بْنُ مُحَمَّدٍ الْكَشْوَرِيُّ نَا مُحَمَّدُ بْنُ يُوسُفَ الْحُذَافِيُّ نَا عَبْدِ الرَّزَّاقِ نَا ابْنُ عُيَيْنَةَ هُوَ سُفْيَانُ - عَنْ عَمْرِو بْنِ دِينَارٍ عَنْ عَطَاءٍ عَنْ صَفْوَانَ بْنِ يَعْلَى عَنْ أَبِيهِ «أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لَمَّا كَانَ

<<  <  ج: ص:  >  >>