الْفِرْيَابِيُّ نَا أَبَانُ بْنُ أَبِي حَازِمٍ حَدَّثَنِي أَبُو بَكْرِ بْنُ حَفْصٍ عَنْ ابْنِ عُمَرَ عَنْ عُمَرَ قَالَ: يَا أَيُّهَا النَّاسُ، إنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَحَلَّ لَنَا الْمُتْعَةَ ثُمَّ حَرَّمَهَا عَلَيْنَا.
وَمِنْ طَرِيقِ أَبِي ذَرٍّ كَانَتْ الْمُتْعَةُ فِي الْحَجِّ رُخْصَةً لَنَا أَصْحَابَ مُحَمَّدٍ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَعَنْ عُثْمَانَ: كَانَتْ مُتْعَةُ الْحَجِّ لَنَا لَيْسَتْ لَكُمْ.
قَالَ أَبُو مُحَمَّدٍ: هَذَا كُلُّهُ خَالَفَهُ الْحَنَفِيُّونَ، وَالْمَالِكِيُّونَ، وَالشَّافِعِيُّونَ، لِأَنَّهُمْ مُتَّفِقُونَ عَلَى إبَاحَةِ مُتْعَةِ الْحَجِّ - وَأَمَّا حَدِيثُ عُمَرَ فَإِنَّمَا هُوَ فِي مُتْعَةِ النِّسَاءِ بِلَا شَكٍّ، لِأَنَّهُ قَدْ صَحَّ عَنْهُ الرُّجُوعُ إلَى الْقَوْلِ بِهَا فِي الْحَجِّ؛ وَهَؤُلَاءِ مُخَالِفُونَ لِهَذَا الْخَبَرِ إنْ كَانَ مَحْمُولًا عِنْدَهُمْ عَلَى مُتْعَةِ الْحَجِّ.
رُوِّينَا مِنْ طَرِيقِ شُعْبَةَ عَنْ سَلَمَةَ بْنِ كُهَيْلٍ عَنْ طَاوُسٍ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: قَالَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ: لَوْ اعْتَمَرْت فِي سَنَةٍ مَرَّتَيْنِ ثُمَّ حَجَجْت لَجَعَلْت مَعَ حَجَّتِي عُمْرَةً.
وَرُوِّينَاهُ أَيْضًا مِنْ طَرِيقِ سُفْيَانَ عَنْ سَلَمَةَ بْنِ كُهَيْلٍ عَنْ طَاوُسٍ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ عَنْ عُمَرَ بِمِثْلِهِ - وَرُوِّينَاهُ أَيْضًا مِنْ طُرُقٍ.
وَاحْتَجُّوا بِمَا رُوِّينَاهُ أَيْضًا مِنْ طَرِيقِ الْمُرَقَّعِ عَنْ أَبِي ذَرٍّ أَنَّهُ قَالَ: كَانَ فَسْخُ الْحَجِّ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لَنَا خَاصَّةً.
وَمِنْ طَرِيقِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ الْأَسْوَدِ عَنْ سُلَيْمَانَ أَوْ سُلَيْمِ بْنِ الْأَسْوَدِ أَنَّ أَبَا ذَرٍّ قَالَ فِيمَنْ حَجَّ ثُمَّ فَسَخَهَا عُمْرَةً: لَمْ يَكُنْ ذَلِكَ إلَّا لِلرَّكْبِ الَّذِينَ كَانُوا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -؛ وَمِنْ طَرِيقِ مُوسَى بْنِ عُبَيْدَةَ عَنْ يَعْقُوبَ بْنِ زَيْدٍ عَنْ أَبِي ذَرٍّ قَالَ: لَمْ يَكُنْ لِأَحَدٍ بَعْدَنَا أَنْ يَجْعَلَ حَجَّتَهُ عُمْرَةً إنَّمَا كَانَتْ لَنَا رُخْصَةً أَصْحَابَ مُحَمَّدٍ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -.
قَالَ أَبُو مُحَمَّدٍ: إنْ لَمْ يَكُنْ قَوْلُ أَبِي ذَرٍّ إنَّ مُتْعَةَ الْحَجِّ خَاصَّةً لَهُمْ حُجَّةٌ فَلَيْسَ قَوْلُهُ: إنَّ فَسْخَ الْحَجِّ خَاصَّةً لَهُمْ حُجَّةٌ؛ لَا سِيَّمَا وَذَلِكَ الْإِسْنَادُ عَنْهُ صَحِيحٌ؛ لِأَنَّهُ مِنْ رِوَايَةِ إبْرَاهِيمَ التَّيْمِيِّ عَنْ أَبِيهِ؛ وَهَذِهِ الْأَسَانِيدُ عَنْهُ وَاهِيَةٌ؛ لِأَنَّهَا عَنْ الْمُرَقَّعِ، وَسُلَيْمَانَ أَوْ سُلَيْمٍ، وَهُمَا مَجْهُولَانِ. وَعَنْ مُوسَى بْنِ عُبَيْدَةَ الرَّبَذِيِّ - وَهُوَ ضَعِيفٌ - فَكَيْفَ وَقَدْ خَالَفَهُ ابْنُ عَبَّاسٍ، وَأَبُو مُوسَى؟ فَلَمْ يَرَيَا ذَلِكَ خَاصَّةً.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute