الثَّابِتَةِ فِي نَصْرِ التَّقْلِيدِ؟ مَرَّةً بِالْكَذِبِ الْمَفْضُوحِ، وَمَرَّةً بِالْحَمَاقَةِ الْمَشْهُورَةِ، وَمَرَّةً بِالْغَثَاثَةِ وَالْبَرْدِ - حَسْبُنَا اللَّهُ وَنِعْمَ الْوَكِيلُ، وَالْحَمْدُ لِلَّهِ عَلَى السَّلَامَةِ.
وَاحْتَجَّ بَعْضُهُمْ فِي جَوَازِ الْإِفْرَادِ بِالْحَجِّ بِالْخَبَرِ الثَّابِتِ مِنْ طَرِيقِ أَبِي هُرَيْرَةَ عَنْ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «وَاَلَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ لَيُهِلَّنَ ابْنُ مَرْيَمَ بِفَجِّ الرَّوْحَاءِ حَاجًّا أَوْ مُعْتَمِرًا أَوْ لَيَثْنِيَنَّهُمَا» .
قَالَ أَبُو مُحَمَّدٍ: كُلُّ مُسْلِمٍ فَلَا يَشُكُّ فِي أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لَمْ يَعْلَمْ هَذَا إلَّا بِوَحْيٍ مِنْ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ إلَيْهِ لَا يُمْكِنُ غَيْرُ هَذَا أَصْلًا؛ وَلَا شَكَّ فِي أَنَّ وَحْيَ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ لَا يُتْرَكُ بِشَكٍّ لِأَنَّهُ عَزَّ وَجَلَّ لَا يَشُكُّ، فَصَحَّ أَنَّ هَذَا الشَّكَّ مِنْ قِبَلِ أَبِي هُرَيْرَةَ أَوْ مِمَّنْ دُونَهُ لَا مِنْ قِبَلِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، ثُمَّ لَوْ صَحَّ أَنَّهُ مِنْ قِبَلِهِ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - لَكَانَ ذَلِكَ إذْ كَانَ الْإِفْرَادُ مُبَاحًا، ثُمَّ نُسِخَ بِأَمْرِهِ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - مَنْ لَا هَدْيَ مَعَهُ بِالْمُتْعَةِ وَلَا بُدَّ، وَمَنْ مَعَهُ الْهَدْيُ بِالْقِرَانِ وَلَا بُدَّ.
قَالَ عَلِيٌّ: فَظَهَرَ الْحَقُّ وَاضِحًا وَالْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ، وَقَالَ مَالِكٌ: الْإِفْرَادُ أَفْضَلُ، وَوَافَقَنَا هُوَ وَالشَّافِعِيُّ فِي صِفَةِ التَّمَتُّعِ وَالْقِرَانِ لِمَنْ أَرَادَ أَنْ يَكُونَ قَارِنًا أَوْ مُتَمَتِّعًا، وَكُلُّ ذَلِكَ جَائِزٌ عِنْدَهُمَا لِمَنْ سَاقَ الْهَدْيَ وَلِمَنْ لَمْ يَسُقْهُ.
وَقَالَ الشَّافِعِيُّ مَرَّةً: الْإِفْرَادُ أَفْضَلُ، وَمَرَّةً قَالَ: التَّمَتُّعُ أَفْضَلُ، وَمَرَّةً قَالَ: الْقِرَانُ أَفْضَلُ؛ وَكُلُّ ذَلِكَ عِنْدَهُ جَائِزٌ كَمَا ذَكَرْنَا.
وَأَمَّا أَبُو حَنِيفَةَ فَإِنَّهُ قَالَ: الْقِرَانُ أَفْضَلُ ثُمَّ التَّمَتُّعُ ثُمَّ الْإِفْرَادُ، وَكُلُّ ذَلِكَ جَائِزٌ عِنْدَهُ لِمَنْ سَاقَ الْهَدْيَ وَلِمَنْ لَمْ يَسُقْهُ إلَّا أَنَّهُ خَالَفَ فِي صِفَةِ التَّمَتُّعِ وَالْقِرَانِ عَلَى مَا نَذْكُرُ بَعْدَ هَذَا إنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى.
وَأَمَّا الْإِشْعَارُ: فَإِنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ رَبِيعٍ نَا قَالَ: نَا مُحَمَّدُ بْنُ مُعَاوِيَةَ نَا أَحْمَدُ بْنُ شُعَيْبٍ أَنَا عَمْرُو بْنُ عَلِيٍّ الْفَلَّاسُ نَا يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ الْقَطَّانُ نَا شُعْبَةُ عَنْ قَتَادَةَ عَنْ أَبِي حَسَّانَ الْأَعْرَجِ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ «أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لَمَّا كَانَ بِذِي الْحُلَيْفَةِ أَمَرَ بِبَدَنَتِهِ فَأَشْعَرَ فِي سَنَامِهَا مِنْ الشِّقِّ الْأَيْمَنِ ثُمَّ سَلَتَ الدَّمَ عَنْهَا وَقَلَّدَهَا نَعْلَيْنِ» وَذَكَرَ بَاقِيَ الْخَبَرِ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute