للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فِيهَا مَعَ الْإِمَامِ هُوَ الذِّكْرُ الْمُفْتَرَضُ بِبَيَانِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - الْمَذْكُورِ، وَمَنْ أَدْرَكَ شَيْئًا مِنْ صَلَاةِ الْإِمَامِ فَقَدْ أَدْرَكَ الصَّلَاةَ لِقَوْلِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «فَمَا أَدْرَكْتُمْ فَصَلُّوا وَمَا فَاتَكُمْ فَأَتِمُّوا» .

قَالَ أَبُو مُحَمَّدٍ: وَالْعَجَبُ مِمَّنْ يَقُولُ: إنَّ قَوْلَ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي سَائِمَةِ الْإِبِلِ «فِي كُلِّ خَمْسٍ شَاةٌ» دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ غَيْرَ السَّائِمَةِ بِخِلَافِ السَّائِمَةِ.

وَمِمَّنْ يَقُولُ: إنَّ قَوْلَهُ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - «وَإِذَا قَالَ: سَمِعَ اللَّهُ لِمَنْ حَمِدَهُ فَقُولُوا: رَبَّنَا وَلَكَ الْحَمْدُ» دَلِيلٌ أَنَّ الْإِمَامَ لَا يَقُولُ: رَبَّنَا وَلَك الْحَمْدُ، وَأَنَّ الْمَأْمُومَ لَا يَقُولُ: سَمِعَ اللَّهُ لِمَنْ حَمِدَهُ ثُمَّ لَا يَرَى قَوْلَهُ - عَلَيْهِ السَّلَامُ -: «مَنْ صَلَّى الْغَدَاةَ هَاهُنَا مَعَنَا، وَقَدْ أَتَى عَرَفَةَ قَبْلَ ذَلِكَ فَقَدْ تَمَّ حَجُّهُ» دَلِيلًا عَلَى أَنَّ مَنْ لَمْ يُصَلِّ الْغَدَاةَ هُنَالِكَ مَعَ الْإِمَامِ لَمْ يَتِمَّ حَجُّهُ؛ فَكَيْفَ وَقَدْ غُنِينَا [عَنْ ذَلِكَ كُلِّهِ] بِنَصِّهِ - عَلَيْهِ السَّلَامُ -؟ عَلَى أَنَّهُ إنْ لَمْ يُدْرِكْ ذَلِكَ فَلَمْ يُدْرِكْ الْحَجَّ.

وَاحْتَجَّ بَعْضُهُمْ بِقَوْلِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «الْحَجُّ عَرَفَةَ» ؟ قَالَ عَلِيٌّ: وَهُمْ أَوَّلُ مُبْطِلٍ لِهَذَا الِاحْتِجَاجِ لِأَنَّ عِنْدَهُمْ فَرَائِضَ يَبْطُلُ الْحَجُّ بِتَرْكِهَا سِوَى عَرَفَةَ كَتَرْكِ الْإِحْرَامِ وَتَرْكِ طَوَافِ الْإِفَاضَةِ. وَتَرْكِ الصَّفَا وَالْمَرْوَةِ. فَكَمْ هَذَا التَّنَاقُضُ؟ وَلَيْسَ قَوْلُهُ - عَلَيْهِ السَّلَامُ -: «وَالْحَجُّ عَرَفَةَ» بِمَانِعٍ مِنْ أَنْ يَكُونَ غَيْرُ عَرَفَةَ الْحَجَّ أَيْضًا إذَا جَاءَ بِذَلِكَ نَصٌّ، وَقَدْ قَالَ تَعَالَى: {وَلِلَّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلا} [آل عمران: ٩٧] وَالْبَيْتُ غَيْرُ عَرَفَةَ بِلَا شَكٍّ.

وَسَوَّى - تَعَالَى - بَيْنَ الْأَمْرِ بِعَرَفَةَ، وَالْأَمْرِ بِمُزْدَلِفَةَ فِي الْقُرْآنِ، وَقَدْ قَالَ - تَعَالَى -: {وَأَذَانٌ مِنَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ إِلَى النَّاسِ يَوْمَ الْحَجِّ الأَكْبَرِ} [التوبة: ٣] .

وَأَخْبَرَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَنَّ يَوْمَ الْحَجِّ الْأَكْبَرِ - هُوَ يَوْمُ النَّحْرِ - وَلَا يَكُونُ يَوْمُ الْحَجِّ الْأَكْبَرِ إلَّا وَغَيْرُهُ يَوْمُ الْحَجِّ الْأَصْغَرِ، وَمُحَالٌ مُمْتَنِعٌ أَنْ يَكُونَ - هُوَ يَوْمَ الْحَجِّ الْأَكْبَرِ - وَلَا يَكُونَ فِيهِ مِنْ فَرَائِضِ الْحَجِّ شَيْءٌ وَيَكُونَ فَرْضُ الْحَجِّ فِي غَيْرِهِ.

<<  <  ج: ص:  >  >>