فَصَحَّ أَنَّ جُمْلَةَ فَرَائِضِ الْحَجِّ فِي يَوْمِ الْحَجِّ الْأَكْبَرِ، وَهِيَ الْوُقُوفُ بِمُزْدَلِفَةَ الَّذِي لَا يَكُونُ فِي غَيْرِهِ، وَرَمْيُ الْجَمْرَةِ، وَالْإِفَاضَةُ؛ وَقَدْ يَكُونَانِ فِيمَا بَعْدَهُ كَمَا عَرَفَةُ فِيمَا قَبْلَهُ -: رُوِّينَا مِنْ طَرِيقِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ مَهْدِيٍّ نَا سُفْيَانُ الثَّوْرِيُّ عَنْ سَلَمَةَ بْنِ كُهَيْلٍ عَنْ الْحَسَنِ الْعُرَنِيِّ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ " مَنْ أَفَاضَ مِنْ عَرَفَةَ فَلَا حَجَّ لَهُ ".
وَقَدْ ذَكَرْنَا عَنْ ابْنِ الزُّبَيْرِ أَنَّهُ كَانَ يَقُولُ فِي خُطْبَتِهِ: أَلَا لَا صَلَاةَ إلَّا بِجَمْعٍ؛ فَإِذَا أَبْطَلَ الصَّلَاةَ إلَّا بِمُزْدَلِفَةَ فَقَدْ جَعَلَهَا مِنْ فَرَائِضِ الْحَجِّ.
وَمِنْ طَرِيقِ شُعْبَةَ عَنْ دَاوُد بْنِ يَزِيدَ الْأَزْدِيِّ عَنْ أَبِي الضُّحَى قَالَ: سَأَلْت عَلْقَمَةَ عَمَّنْ لَمْ يُدْرِكْ عَرَفَاتٍ، أَوْ جَمْعًا، أَوْ وَقَعَ بِأَهْلِهِ يَوْمَ النَّحْرِ قَبْلَ أَنْ يَزُورَ؟ فَقَالَ: عَلَيْهِ الْحَجُّ.
وَمِنْ طَرِيقِ شُعْبَةَ عَنْ الْمُغِيرَةِ بْنِ مِقْسَمٍ عَنْ إبْرَاهِيمَ النَّخَعِيِّ قَالَ: كَانَ يُقَالُ: مَنْ فَاتَهُ جَمْعٌ أَوْ عَرَفَةُ فَقَدْ فَاتَهُ الْحَجُّ.
وَمِنْ طَرِيق عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ مَهْدِيٍّ عَنْ سُفْيَانَ الثَّوْرِيِّ عَنْ مَنْصُورِ بْنِ الْمُعْتَمِرِ عَنْ إبْرَاهِيمَ النَّخَعِيِّ قَالَ: مَنْ فَاتَهُ عَرَفَةُ، أَوْ جَمْعٌ، أَوْ جَامَعَ قَبْلَ أَنْ يَزُورَ فَقَدْ فَسَدَ حَجُّهُ.
وَمِنْ طَرِيقِ سُفْيَانَ الثَّوْرِيِّ أَيْضًا عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي السَّفَرِ عَنْ الشَّعْبِيِّ أَنَّهُ قَالَ: مَنْ فَاتَهُ جَمْعٌ جَعَلَهَا عُمْرَةً.
وَعَنْ الْحَسَنِ الْبَصْرِيِّ مَنْ لَمْ يَقِفْ بِجَمْعٍ فَلَا حَجَّ لَهُ.
وَعَنْ حَمَّادِ بْنِ أَبِي سُلَيْمَانَ قَالَ: مَنْ فَاتَهُ الْإِفَاضَةُ مِنْ جَمْعٍ فَقَدْ فَاتَهُ الْحَجُّ فَلْيَحِلَّ بِعُمْرَةٍ ثُمَّ لِيَحُجَّ مِنْ قَابِلٍ - وَمِنْ طَرِيقِ شُعْبَةَ عَنْ أَبِي بِشْرٍ عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ قَالَ: يَوْمُ الْحَجِّ الْأَكْبَرِ - هُوَ يَوْمُ النَّحْرِ - أَلَا تَرَى أَنَّهُ إذَا فَاتَهُ عَرَفَةُ لَمْ يَفُتْهُ الْحَجُّ وَإِذَا فَاتَهُ يَوْمُ النَّحْرِ فَاتَهُ الْحَجُّ؟ قَالَ أَبُو مُحَمَّدٍ: صَدَقَ سَعِيدٌ؛ لِأَنَّ مَنْ فَاتَتْهُ عَرَفَةُ يَوْمَ عَرَفَةَ لَمْ يَفُتْهُ الْحَجُّ لِأَنَّهُ يَقِفُ بِعَرَفَةَ لَيْلَةَ يَوْمِ النَّحْرِ؛ وَأَمَّا يَوْمُ النَّحْرِ فَإِنَّمَا سَمَّاهُ اللَّهُ - تَعَالَى -: {يَوْمَ الْحَجِّ الأَكْبَرِ} [التوبة: ٣] لِأَنَّ فِيهِ فَرَائِضَ ثَلَاثًا مِنْ فَرَائِضِ الْحَجِّ، وَهُوَ الْوُقُوفُ بِمُزْدَلِفَةَ لَا يَكُونُ جَازِئًا إلَّا غَدَاةَ يَوْمِ النَّحْرِ، وَجَمْرَةُ الْعَقَبَةِ، وَطَوَافُ الْإِفَاضَةِ، وَيَجُوزُ تَأْخِيرُهُ؛ فَصَحَّ أَنَّ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute