مُزْدَلِفَةَ أَشَدُّ فُرُوضِ الْحَجِّ تَأْكِيدًا وَأَضْيَقُهَا وَقْتًا؛ وَقَدْ رُوِيَ عَنْ ابْنِ عُمَرَ خِلَافُ هَذَا.
وَأَمَّا قَوْلُنَا: إنَّ النِّسَاءَ، وَالصِّبْيَانَ، وَالضُّعَفَاءَ بِخِلَافِ هَذَا؛ فَلِمَا رُوِّينَا مِنْ طَرِيقِ مُسْلِمٍ نَا مُحَمَّدُ بْنُ أَبِي بَكْرٍ الْمُقَدَّمِيُّ نَا يَحْيَى هُوَ ابْنُ سَعِيدٍ الْقَطَّانُ - عَنْ ابْنِ جُرَيْجٍ حَدَّثَنِي «عَبْدُ اللَّهِ مَوْلَى أَسْمَاءَ بِنْتِ أَبِي بَكْرٍ الصِّدِّيقِ أَنَّ أَسْمَاءَ قَالَتْ لَهُ بِمُزْدَلِفَةَ: هَلْ غَابَ الْقَمَرُ؟ قُلْتُ: لَا، فَصَلَّتْ سَاعَةً ثُمَّ قَالَتْ يَا بُنَيَّ هَلْ غَابَ الْقَمَرُ؟ قُلْتُ: نَعَمْ، قَالَتْ: ارْحَلْ بِي فَارْتَحَلْنَا حَتَّى رَمَتْ الْجَمْرَةَ ثُمَّ صَلَّتْ فِي مَنْزِلِهَا فَقُلْتُ لَهَا أَيْ هَنْتَاهُ لَقَدْ غَلَّسْنَا، قَالَتْ: كَلًّا أَيْ بُنَيَّ إنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَذِنَ لِلظُّعُنِ» .
وَمِنْ طَرِيقِ ابْنِ وَهْبٍ أَخْبَرَنِي يُونُسُ عَنْ ابْنِ شِهَابٍ أَنَّ سَالِمَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ أَخْبَرَهُ أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عُمَرَ كَانَ يُقَدِّمُ ضَعَفَةَ أَهْلِهِ فَيَقِفُونَ عِنْدَ الْمَشْعَرِ الْحَرَامِ بِالْمُزْدَلِفَةِ بِاللَّيْلِ فَيَذْكُرُونَ اللَّهَ - تَعَالَى - ثُمَّ يَدْفَعُونَ قَبْلَ أَنْ يَقِفَ الْإِمَامُ وَيَقُولُ ابْنُ عُمَرَ أَرْخَصَ فِي أُولَئِكَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -.
وَمِنْ طَرِيقِ مُسْلِمٍ حَدَّثَنِي عَلِيُّ بْنُ خَشْرَمٍ أَنَا عِيسَى بْنُ يُونُسَ عَنْ ابْنِ جُرَيْجٍ أَخْبَرَنِي عَطَاءٌ: أَنَّ ابْنَ شَوَّالٍ أَخْبَرَهُ أَنَّهُ دَخَلَ عَلَى أَمِّ حَبِيبَةَ أُمِّ الْمُؤْمِنِينَ فَأَخْبَرَتْهُ: «أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بَعَثَ بِهَا مِنْ جَمْعٍ بِلَيْلٍ» .
وَمِنْ طَرِيقِ مُسْلِمٍ نَا يَحْيَى بْنُ يَحْيَى عَنْ حَمَّادِ بْنِ يَزِيدَ عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي يَزِيدَ قَالَ: سَمِعْت «ابْنَ عَبَّاسٍ يَقُولُ: بَعَثَنِي رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي الثَّقَلِ وَفِي الضَّعَفَةِ مِنْ جَمْعٍ بِلَيْلٍ» .
قَالَ أَبُو مُحَمَّدٍ: كَانَ ابْنُ عَبَّاسٍ حِينَئِذٍ قَدْ نَاهَزَ الِاحْتِلَامَ وَلَمْ يَحْتَلِمْ بَعْدُ، هَكَذَا ذَكَرَ عَنْ نَفْسِهِ فِي الْخَبَرِ الَّذِي فِيهِ: أَنَّهُ أَتَى مِنًى عَلَى أَتَانٍ، وَرَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يُصَلِّي بِالنَّاسِ قَالَ: وَأَنَا غُلَامٌ قَدْ نَاهَزْت الِاحْتِلَامَ فَخَرَجَ هَؤُلَاءِ عَنْ وُجُوبِ حُضُورِ صَلَاةِ الصُّبْحِ بِمُزْدَلِفَةَ مَعَ الْإِمَامِ عَلَيْهِمْ وَبَقِيَ عَلَيْهِمْ فَرْضُ الْوُقُوفِ بِمُزْدَلِفَةَ، وَذِكْرِ اللَّهِ - تَعَالَى - هُنَالِكَ لَيْلَةَ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute