فَإِنْ لَمْ يَجِدْ هَدْيًا وَلَا مَا يَبْتَاعُهُ بِهِ فَلْيَصُمْ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ مِنْ يَوْمِ يُحْرِمُ بِالْحَجِّ إلَى انْقِضَاءِ يَوْمِ عَرَفَةَ وَسَبْعَةَ أَيَّامٍ إذَا انْقَضَتْ أَيَّامُ التَّشْرِيقِ.
فَإِنْ لَمْ يَصُمْ الثَّلَاثَةَ الْأَيَّامِ كَمَا ذَكَرْنَا فَلْيُؤَخِّرْ طَوَافَ الْإِفَاضَةِ حَتَّى تَنْقَضِيَ أَيَّامُ التَّشْرِيقِ، ثُمَّ يَصُومَ الثَّلَاثَةَ الْأَيَّامِ، فَإِذَا أَتَمَّهَا كُلَّهَا طَافَ طَوَافَ الْإِفَاضَةِ فِي الْيَوْمِ الرَّابِعِ، ثُمَّ ابْتَدَأَ بِصِيَامِ السَّبْعَةِ الْأَيَّامِ.
فَإِنْ لَمْ يَفْعَلْ حَتَّى خَرَجَ عَنْ عَمَلِ الْحَجِّ صَامَ السَّبْعَةَ الْأَيَّامِ فَقَطْ وَاسْتَغْفَرَ اللَّهَ إنْ كَانَ تَعَمَّدَ تَرْكَ صِيَامِ الثَّلَاثَةِ الْأَيَّامِ.
وَلَوْ وَجَدَ هَدْيًا بَعْدَ إحْرَامِهِ بِالْحَجِّ لَمْ يُجْزِهِ وَفَرْضُهُ الصَّوْمُ وَلَا بُدَّ، فَإِنْ وَجَدَهُ قَبْلَ أَنْ يُحْرِمَ بِالْحَجِّ فَفَرْضُهُ الْهَدْيُ - فَلِقَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى: {فَمَنْ تَمَتَّعَ بِالْعُمْرَةِ إِلَى الْحَجِّ فَمَا اسْتَيْسَرَ مِنَ الْهَدْيِ فَمَنْ لَمْ يَجِدْ فَصِيَامُ ثَلاثَةِ أَيَّامٍ فِي الْحَجِّ وَسَبْعَةٍ إِذَا رَجَعْتُمْ تِلْكَ عَشَرَةٌ كَامِلَةٌ ذَلِكَ لِمَنْ لَمْ يَكُنْ أَهْلُهُ حَاضِرِي الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ} [البقرة: ١٩٦] وَهَذَا نَصُّ مَا قُلْنَاهُ - وَلِلَّهِ الْحَمْدُ كَثِيرًا.
وَقَدْ أَجَازَ قَوْمٌ أَنْ يَصُومَ الثَّلَاثَةَ الْأَيَّامِ قَبْلَ أَنْ يُحْرِمَ بِالْحَجِّ، وَهَذَا خَطَأٌ؛ لِأَنَّهُ خِلَافُ أَمْرِ اللَّهِ - تَعَالَى - بِأَنْ يَصُومَهَا فِي الْحَجِّ، وَمَا لَمْ يُحْرِمْ الْمَرْءُ فَلَيْسَ هُوَ فِي الْحَجِّ فَلَيْسَ هُوَ فِي وَقْتِ صِيَامِ الثَّلَاثَةِ الْأَيَّامِ.
وَأَيْضًا فَإِنَّهُ لَا يَجِبُ عَلَيْهِ الْهَدْيُ الْمَذْكُورُ وَلَا الصِّيَامُ الْمَذْكُورُ إلَّا بِتَمَتُّعِهِ بِالْعُمْرَةِ إلَى الْحَجِّ بِنَصِّ كَلَامِ اللَّهِ تَعَالَى، وَهُوَ مَا لَمْ يُحْرِمْ بِالْحَجِّ فَلَيْسَ هُوَ بَعْدُ مِمَّنْ تَمَتَّعَ بِالْعُمْرَةِ إلَى الْحَجِّ، وَلَا يُجْزِئُ [أَدَاءُ] فَرْضٍ إلَّا فِي وَقْتِهِ الَّذِي أَوْجَبَهُ اللَّهُ - تَعَالَى - فِيهِ.
وَأَجَازَ قَوْمٌ أَنْ يَصُومَ الثَّلَاثَةَ الْأَيَّامَ فِي أَيَّامِ التَّشْرِيقِ وَهَذَا خَطَأٌ، وَقَدْ ذَكَرْنَا الْبُرْهَانَ عَلَى بُطْلَانِ [هَذَا الْقَوْلِ] فِي كِتَابِ الصِّيَامِ مِنْ هَذَا الدِّيوَانِ، وَنَهَى النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَنْ صِيَامِ أَيَّامِ التَّشْرِيقِ جُمْلَةً.
وَبِهِ يَقُولُ الشَّافِعِيُّ، وَأَبُو حَنِيفَةَ، وَأَبُو سُلَيْمَانَ، وَغَيْرُهُمْ.
وَرُوِّينَا مِنْ طَرِيقِ ابْنِ أَبِي شَيْبَةَ عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ الْقَطَّانِ عَنْ ابْنِ جُرَيْجٍ عَنْ نَافِعٍ عَنْ ابْنِ عُمَرَ قَالَ: لَا يَصُومُ الْمُتَمَتِّعُ إلَّا وَهُوَ مُحْرِمٌ لَا يَقْضِي عَنْهُ إلَّا ذَلِكَ.