للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَرُوِّينَا عَنْ عَائِشَةَ وَابْنِ عُمَرَ أَيْضًا جَوَازَ صِيَامِ أَيَّامِ التَّشْرِيقِ لِلْمُتَمَتِّعِ، وَلَا حُجَّةَ مَعَ التَّنَازُعِ إلَّا فِيمَا صَحَّ عَنْ اللَّهِ - تَعَالَى، أَوْ عَنْ رَسُولِهِ - عَلَيْهِ السَّلَامُ -.

وَرُوِّينَا عَنْ عَلِيٍّ مِنْ طَرِيقٍ مُنْقَطِعَةٍ عَنْ جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدٍ عَنْ أَبِيهِ أَنَّ عَلِيًّا قَالَ فِي الْمُتَمَتِّعِ: يَفُوتُهُ الصَّوْمُ فِي الْعَشْرِ: أَنَّهُ يَتَسَحَّرُ لَيْلَةَ الْحَصْبَةِ فَيَصُومُ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ وَسَبْعَةً إذَا رَجَعَ.

قَالَ أَبُو مُحَمَّدٍ: لَيْلَةُ الْحَصْبَةِ هِيَ اللَّيْلَةُ الرَّابِعَةَ عَشَرَ مِنْ ذِي الْحِجَّةِ التَّالِيَةُ لِآخِرِ أَيَّامِ التَّشْرِيقِ - وَرُوِّينَا عَنْ عُمَرَ، وَابْنِ عَبَّاسٍ: أَنَّ مَنْ لَمْ يَصُمْ الثَّلَاثَةَ الْأَيَّامَ فِي عَشْرِ ذِي الْحِجَّةِ لَمْ يَكُنْ لَهُ أَنْ يَصُومَهَا بَعْدُ.

قَالَ عَلِيٌّ: قَوْلُ اللَّهِ تَعَالَى - هُوَ الْحَاكِمُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ - وَلَمْ يُوجِبْ - تَعَالَى - صِيَامَ الثَّلَاثَةِ الْأَيَّامِ إلَّا فِي الْحَجِّ، فَلَيْسَ لَهُ أَنْ يَصُومَهَا لَا قَبْلَ الْحَجِّ وَلَا بَعْدَ الْحَجِّ؛ لِأَنَّهُ يَكُونُ مُخَالِفًا لِأَمْرِ اللَّهِ - تَعَالَى - فِي ذَلِكَ، وَلَمْ يُوجِبْ - عَزَّ وَجَلَّ - صِيَامَهَا فِي الْإِحْرَامِ لَكِنْ فِي الْحَجِّ، وَهُوَ مَا لَمْ يَطُفْ طَوَافَ الْإِفَاضَةِ فَهُوَ فِي الْحَجِّ بَعْدُ.

وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ: إنْ صَامَ الثَّلَاثَةَ الْأَيَّامِ بَعْدَ أَنْ أَحْرَمَ بِالْعُمْرَةِ، وَقَبْلَ أَنْ يَطُوفَ لَهَا أَوْ بَعْدَ تَمَامِهَا، وَقَبْلَ أَنْ يُحْرِمَ بِالْحَجِّ أَجْزَأَهُ ذَلِكَ، وَلَا يُجْزِئُهُ أَنْ يَصُومَ السَّبْعَةَ الْأَيَّامِ فِي عَشْرِ ذِي الْحِجَّةِ؛ فَكَانَ هَذَا تَنَاقُضًا لَا خَفَاءَ بِهِ، وَخِلَافًا لِلْقُرْآنِ كَمَا ذَكَرْنَا بِلَا دَلِيلٍ.

وَقَالَ بَعْضُهُمْ: مَعْنَى قَوْله تَعَالَى: {فِي الْحَجِّ} [البقرة: ١٩٦] أَيْ فِي أَشْهُرِ الْحَجِّ؟ فَقُلْنَا: هَذَا كَذِبٌ عَلَى الْقُرْآنِ، فَإِنْ كَانَ كَمَا تَزْعُمُونَ فَأَجِيزُوا لَهُ صِيَامَهَا فِي أَشْهُرِ الْحَجِّ قَبْلَ أَنْ يَعْتَمِرَ، وَإِلَّا فَقَدْ تَنَاقَضْتُمْ، وَصَحَّ عَنْ أُمِّ الْمُؤْمِنِينَ عَائِشَةَ، وَعَنْ ابْنِ عُمَرَ أَنَّهُ لَا يَصُومُ الثَّلَاثَةَ الْأَيَّامِ إلَّا بَعْدَ إحْرَامِهِ بِالْحَجِّ، وَهُوَ قَوْلُ مَالِكٍ، وَالشَّافِعِيِّ، وَأَحْمَدَ، وَأَبِي سُلَيْمَانَ، وَلَا يُعْرَفُ لَهُمْ مُخَالِفٌ مِنْ الصَّحَابَةِ فِي ذَلِكَ؛ وَقَالَ الشَّافِعِيُّ: يَصُومُهُنَّ بَعْدَ أَيَّامِ التَّشْرِيقِ وَيُفَرِّقُ بَيْنَ الثَّلَاثَةِ وَالسَّبْعَةِ وَلَوْ بِيَوْمٍ.

قَالَ عَلِيٌّ: وَهَذَا خَطَأٌ وَخِلَافٌ لِلْقُرْآنِ كَمَا ذَكَرْنَا، وَلَا فَرْقَ بَيْنَ تَقْدِيمِ الْفَرْضِ قَبْلَ وَقْتِهِ، وَبَيْنَ تَأْخِيرِهِ بَعْدَ وَقْتِهِ بِغَيْرِ نَصٍّ

وَقَالَ عَطَاءٌ: لَا يُجْزِئُ هَدْيُ الْمُتْعَةِ إلَّا بَعْدَ الْوُقُوفِ بِعَرَفَةَ.

وَقَالَ عَمْرُو بْنُ دِينَارٍ يُجْزِئُ مُذْ يُحْرِمُ بِالْحَجِّ، وَبِهِ نَأْخُذُ لِمَا ذَكَرْنَا آنِفًا.

<<  <  ج: ص:  >  >>