للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَبَيْنَ حُكْمِ الْمُتَمَتِّعِ، قَالَ - تَعَالَى -: {فَإِنْ أُحْصِرْتُمْ فَمَا اسْتَيْسَرَ مِنَ الْهَدْيِ} [البقرة: ١٩٦] وَقَالَ - تَعَالَى -: {فَمَنْ تَمَتَّعَ بِالْعُمْرَةِ إِلَى الْحَجِّ فَمَا اسْتَيْسَرَ مِنَ الْهَدْيِ فَمَنْ لَمْ يَجِدْ فَصِيَامُ ثَلاثَةِ أَيَّامٍ فِي الْحَجِّ وَسَبْعَةٍ إِذَا رَجَعْتُمْ تِلْكَ عَشَرَةٌ كَامِلَةٌ ذَلِكَ لِمَنْ لَمْ يَكُنْ أَهْلُهُ حَاضِرِي الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ} [البقرة: ١٩٦] فَفَرَّقَ - تَعَالَى - بَيْنَ اسْمَيْهِمَا وَبَيْنَ حُكْمَيْهِمَا؛ فَلَمْ يَجُزْ أَنْ يُقَالَ: هُمَا شَيْءٌ وَاحِدٌ - وَبِاَللَّهِ - تَعَالَى - التَّوْفِيقُ.

ثُمَّ نَظَرْنَا فِي قَوْلِ طَاوُسٍ: إنَّ مَنْ اعْتَمَرَ فِي أَشْهُرِ الْحَجِّ فَهُوَ مُتَمَتِّعٌ، وَإِنْ لَمْ يَحُجَّ مِنْ عَامِهِ ذَلِكَ، فَوَجَدْنَاهُ خَطَأً؛ لِأَنَّ اللَّهَ - تَعَالَى - يَقُولُ: {فَمَنْ تَمَتَّعَ بِالْعُمْرَةِ إِلَى الْحَجِّ فَمَا اسْتَيْسَرَ مِنَ الْهَدْيِ فَمَنْ لَمْ يَجِدْ فَصِيَامُ ثَلاثَةِ أَيَّامٍ فِي الْحَجِّ وَسَبْعَةٍ إِذَا رَجَعْتُمْ} [البقرة: ١٩٦] فَصَحَّ بِنَصِّ الْقُرْآنِ أَنَّهُ لَيْسَ مُتَمَتِّعًا إلَّا مَنْ حَجَّ بَعْدَ عُمْرَتِهِ لِوُجُوبِ الصِّيَامِ عَلَيْهِ فِي الْحَجِّ إنْ لَمْ يَجِدْ هَدْيًا.

ثُمَّ نَظَرْنَا فِيمَنْ اعْتَمَرَ فِي غَيْرِ أَشْهُرِ الْحَجِّ، أَوْ فِي أَشْهُرِ الْحَجِّ، أَوْ اعْتَمَرَ بَعْضَ عُمْرَتِهِ فِي غَيْرِ أَشْهُرِ الْحَجِّ أَقَلَّهَا أَوْ أَكْثَرَهَا، وَبَعْضَهَا فِي أَشْهُرِ الْحَجِّ أَقَلَّهَا أَوْ أَكْثَرَهَا، وَفِيمَنْ أَقَامَ مِنْ هَؤُلَاءِ بِمَكَّةَ حَتَّى حَجَّ مِنْ عَامِهِ أَوْ لَمْ يُقِمْ لَكِنْ خَرَجَ إلَى مَسَافَةٍ تُقْصَرُ فِيهَا الصَّلَاةُ أَوْ لَا تُقْصَرُ، أَوْ إلَى مِيقَاتٍ أَوْ وَرَاءَ مِيقَاتٍ إلَى بَلَدِهِ أَوْ مِثْلِ بَلَدِهِ أَوْ أَبْعَدَ مِنْ بَلَدِهِ، ثُمَّ حَجَّ مِنْ عَامِهِ فَكَانَ كُلُّ هَؤُلَاءِ مُمْكِنًا فِي اللُّغَةِ أَنْ يَقَعَ عَلَيْهِ اسْمُ: مُتَمَتِّعٌ بِالْعُمْرَةِ إلَى الْحَجِّ، وَمُمْكِنًا أَنْ لَا يَقَعَ عَلَيْهِ أَيْضًا اسْمُ: مُتَمَتِّعٌ - فَلَمْ يَجُزْ أَنْ يُوقِعَ عَلَى أَحَدٍ إيجَابُ غَرَامَةِ هَدْيٍ أَوْ إيجَابُ صَوْمٍ بِالظَّنِّ إلَّا بِبَيَانٍ جَلِيٍّ أَنَّ اللَّهَ - تَعَالَى - أَلْزَمَهُ ذَلِكَ، فَوَجَبَ الرُّجُوعُ إلَى بَيَانِ سُنَّةِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي ذَلِكَ -: فَوَجَدْنَا مَا رُوِّينَاهُ مِنْ طَرِيقِ الْبُخَارِيِّ نَا يَحْيَى بْنُ بُكَيْرٍ نَا اللَّيْثُ هُوَ ابْنُ سَعْدٍ - عَنْ عُقَيْلِ بْنِ خَالِدٍ عَنْ الزُّهْرِيِّ عَنْ سَالِمِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ قَالَ: قَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ «تَمَتَّعَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي حَجَّةِ الْوَدَاعِ بِالْعُمْرَةِ إلَى الْحَجِّ، وَأَهْدَى وَسَاقَ مَعَهُ الْهَدْيَ مِنْ ذِي الْحُلَيْفَةِ وَبَدَأَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَأَهَلَّ بِالْعُمْرَةِ ثُمَّ أَهَلَّ بِالْحَجِّ فَتَمَتَّعَ النَّاسُ مَعَ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بِالْعُمْرَةِ إلَى الْحَجِّ، فَكَانَ مِنْ النَّاسِ مَنْ أَهْدَى، فَسَاقَ الْهَدْيَ وَمِنْهُمْ مَنْ لَمْ يُهْدِ، فَلَمَّا قَدِمَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مَكَّةَ قَالَ لِلنَّاسِ: مَنْ كَانَ مِنْكُمْ أَهْدَى فَإِنَّهُ لَا يَحِلُّ مِنْ شَيْءٍ حُرِمَ مِنْهُ

<<  <  ج: ص:  >  >>