للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يَقْضِيَ حَجَّهُ، وَمَنْ لَمْ يَكُنْ مِنْكُمْ أَهْدَى فَلْيَطُفْ بِالْبَيْتِ وَبَيْنَ الصَّفَا وَالْمَرْوَةِ وَيَقْصُرْ وَيَحِلَّ؛ ثُمَّ لِيُهِلَّ بِالْحَجِّ فَمَنْ لَمْ يَجِدْ هَدْيًا فَلْيَصُمْ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ فِي الْحَجِّ وَسَبْعَةً إذَا رَجَعَ إلَى أَهْلِهِ» .

وَقَدْ ذَكَرْنَا قَبْلُ مِنْ طَرِيقِ مَالِكٍ وَمَعْمَرٍ عَنْ الزُّهْرِيِّ عَنْ عُرْوَةَ عَنْ عَائِشَةَ أُمِّ الْمُؤْمِنِينَ «أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَمَرَ مَنْ مَعَهُ الْهَدْيُ بِأَنْ يَجْعَلَ مَعَ عُمْرَتِهِ حَجًّا، فَصَحَّ أَمْرُ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مَنْ تَمَتَّعَ بِالْعُمْرَةِ إلَى الْحَجِّ بِالْهَدْيِ، أَوْ الصَّوْمِ وَلَمْ يَأْمُرْ الْقَارِنَ بِشَيْءٍ مِنْ ذَلِكَ» .

وَوَجَدْنَا مَا رُوِّينَا مِنْ طَرِيقِ مُسْلِمٍ نَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ نَا عَبْدَةُ بْنُ سُلَيْمَانَ عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ «خَرَجْنَا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي حَجَّةِ الْوَدَاعِ مُوَافِينَ لِهِلَالِ ذِي الْحِجَّةِ فَكُنْتُ فِيمَنْ أَهَلَّ بِعُمْرَةٍ فَقَدِمْنَا مَكَّةَ فَأَدْرَكَنِي يَوْمُ عَرَفَةَ وَأَنَا حَائِضٌ لَمْ أَحِلَّ مِنْ عُمْرَتِي فَشَكَوْتُ ذَلِكَ إلَى النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَقَالَ: دَعِي عُمْرَتَكِ وَانْقُضِي رَأْسَكِ وَامْتَشِطِي وَأَهِلِّي بِالْحَجِّ قَالَتْ: فَفَعَلْتُ فَلَمَّا كَانَتْ لَيْلَةُ الْحَصْبَةِ وَقَدْ قَضَى اللَّهُ حَجَّنَا أَرْسَلَ مَعِي عَبْدَ الرَّحْمَنِ بْنَ أَبِي بَكْرٍ فَأَرْدَفَنِي، وَخَرَجَ بِي إلَى التَّنْعِيمِ فَأَهْلَلْتُ بِعُمْرَةٍ، وَقَضَى اللَّهُ حَجَّنَا وَعُمْرَتَنَا وَلَمْ يَكُنْ فِي ذَلِكَ هَدْيٌ، وَلَا صَدَقَةٌ، وَلَا صَوْمٌ» .

وَمِنْ طَرِيقِ أَبِي دَاوُد نَا الرَّبِيعُ بْنُ سُلَيْمَانَ الْمُؤَذِّنُ أَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إدْرِيسَ الشَّافِعِيُّ عَنْ سُفْيَانَ بْنِ عُيَيْنَةَ عَنْ ابْنِ أَبِي نَجِيحٍ عَنْ عَطَاءٍ «عَنْ عَائِشَةَ أُمِّ الْمُؤْمِنِينَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ لَهَا: طَوَافُكِ بِالْبَيْتِ وَبَيْنَ الصَّفَا وَالْمَرْوَةِ يَكْفِيكِ لِحَجِّكِ وَعُمْرَتِكِ» فَصَحَّ أَنَّهَا كَانَتْ قَارِنَةً، وَلَمْ يَجْعَلْ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - فِي ذَلِكَ هَدْيًا وَلَا صَوْمًا.

فَإِنْ قِيلَ: إنَّهَا - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا -: رَفَضَتْ عُمْرَتَهَا.

قُلْنَا: إنْ كُنْتُمْ تُرِيدُونَ أَنَّهَا حَلَّتْ مِنْهَا فَقَدْ كَذَبَ مَنْ قَالَ ذَلِكَ؛ لِأَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَخْبَرَهَا أَنَّ طَوَافَهَا وَسَعْيَهَا يَكْفِيهَا لِحَجَّتِهَا وَعُمْرَتِهَا، وَمِنْ الْبَاطِلِ أَنْ يَكْفِيَهَا عَنْ عُمْرَةٍ قَدْ أَحَلَّتْ مِنْهَا؛ وَإِنْ كُنْتُمْ تُرِيدُونَ أَنَّهَا رَفَضَتْهَا وَتَرَكَتْهَا بِمَعْنَى أَخَّرَتْ عَمَلَ الْعُمْرَةِ مِنْ الطَّوَافِ وَالسَّعْيِ حَتَّى أَفَاضَتْ يَوْمَ النَّحْرِ فَطَافَتْ وَسَعَتْ لِحَجَّتِهَا وَعُمْرَتِهَا مَعًا فَنَعَمْ، وَهَذَا قَوْلُنَا.

<<  <  ج: ص:  >  >>