للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

انْقِضَاءِ الْعِدَّةِ فَهُوَ نِكَاحٌ لَا مُرَاجَعَةٌ، وَلَا يَكُونُ إلَّا بِرِضَاهُمَا وَبِصَدَاقٍ وَوَلِيٍّ.

وَابْتِيَاعُ الْجَوَارِي لِلْوَطْءِ لَا يُسَمَّى نِكَاحًا، وَإِنَّمَا حَرَّمَ اللَّهُ تَعَالَى مَا ذَكَرْنَا مِنْ النِّكَاحِ وَالْإِنْكَاحِ وَالْخِطْبَةِ عَلَى الْمُحْرِمِ.

وَالْمُحْرِمُ هُوَ الَّذِي يَحْرُمُ عَلَيْهِ لِبَاسُ الْقُمُصِ، وَالْعَمَائِمِ، وَالْبَرَانِسِ، وَحَلْقُ رَأْسِهِ إلَّا لِضَرُورَةٍ بِالنَّصِّ وَالْإِجْمَاعِ؛ فَإِذَا صَارَ فِي حَالٍ يَجُوزُ لَهُ كُلُّ ذَلِكَ فَلَيْسَ مُحْرِمًا بِلَا شَكٍّ، فَقَدْ تَمَّ إحْرَامُهُ، وَإِذَا لَمْ يَكُنْ مُحْرِمًا حَلَّ لَهُ النِّكَاحُ وَالْإِنْكَاحُ وَالْخُطْبَةُ.

وَبِدُخُولِ وَقْتِ رَمْيِ الْجَمْرَةِ يَحِلُّ لَهُ كُلُّ مَا ذَكَرْنَا، رَمَى أَوْ لَمْ يَرْمِ، عَلَى مَا ذَكَرْنَا قَبْلُ مِنْ إبَاحَةِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ - تَقْدِيمَ الْحَلْقِ عَلَى - الرَّمْيِ.

فَإِنْ نَكَحَ الْمُحْرِمُ أَوْ الْمُحْرِمَةُ فُسِخَ، لِقَوْلِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «مَنْ عَمِلَ عَمَلًا لَيْسَ عَلَيْهِ أَمْرُنَا فَهُوَ رَدٌّ» وَكَذَلِكَ إنْ أَنْكَحَ مَنْ لَا نِكَاحَ لَهَا إلَّا بِإِنْكَاحِهِ فَهُوَ نِكَاحٌ مَفْسُوخٌ لِمَا ذَكَرْنَا؛ وَلِفَسَادِ الْإِنْكَاحِ الَّذِي لَا يَصِحُّ النِّكَاحُ إلَّا بِهِ، وَلَا صِحَّةَ لِمَا لَا يَصِحُّ إلَّا بِمَا يَصِحُّ.

وَأَمَّا الْخِطْبَةُ فَإِنْ خَطَبَ فَهُوَ عَاصٍ وَلَا يَفْسُدُ النِّكَاحُ؛ لِأَنَّ الْخِطْبَةَ لَا مُتَعَلِّقَ لَهَا بِالنِّكَاحِ، وَقَدْ يَخْطُبُ وَلَا يُتِمُّ النِّكَاحَ إذَا رُدَّ الْخَاطِبُ، وَقَدْ يَتِمُّ نِكَاحٌ بِلَا خِطْبَةٍ أَصْلًا، لَكِنْ بِأَنْ يَقُولَ لَهَا: انْكِحِينِي نَفْسَك؟ فَتَقُولُ: نَعَمْ قَدْ فَعَلْت، وَيَقُولُ هُوَ: قَدْ رَضِيت وَيَأْذَنُ الْوَلِيُّ فِي ذَلِكَ وَبِاَللَّهِ تَعَالَى التَّوْفِيقُ.

وَاخْتَلَفَ السَّلَفُ فِي هَذَا فَأَجَازَ نِكَاحَ الْمُحْرِمِ طَائِفَةٌ صَحَّ ذَلِكَ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ، وَرُوِيَ عَنْ ابْنِ مَسْعُودٍ، وَمُعَاذٍ - وَقَالَ بِهِ عَطَاءٌ، وَالْقَاسِمُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ أَبِي بَكْرٍ، وَعِكْرِمَةُ، وَإِبْرَاهِيمُ النَّخَعِيُّ.

وَبِهِ يَقُولُ أَبُو حَنِيفَةَ، وَسُفْيَانُ، وَصَحَّ عَنْ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ، وَزَيْدِ بْنِ ثَابِتٍ فَسْخُ نِكَاحِ الْمُحْرِمِ إذَا نَكَحَ.

وَصَحَّ عَنْ ابْنِ عُمَرَ مِنْ طَرِيقِ حَمَّادِ بْنِ سَلَمَةَ عَنْ أَيُّوبَ السِّخْتِيَانِيُّ عَنْ نَافِعٍ عَنْهُ قَالَ: الْمُحْرِمُ لَا يَنْكِحُ وَلَا يُنْكَحُ لَا يَخْطُبُ عَلَى نَفْسِهِ وَلَا عَلَى مَنْ سِوَاهُ.

وَرُوِّينَا عَنْ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ لَا يَجُوزُ نِكَاحُ الْمُحْرِمِ إنْ نَكَحَ نَزَعْنَا مِنْهُ امْرَأَتَهُ؛ وَهُوَ قَوْلُ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ - وَبِهِ يَقُولُ مَالِكٌ، وَالشَّافِعِيُّ، وَأَبُو سُلَيْمَانَ، وَأَصْحَابُهُمْ.

<<  <  ج: ص:  >  >>