للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قَالَ أَبُو مُحَمَّدٍ: عَهْدُنَا بِالْمَالِكِيِّينَ يَجْعَلُونَ قَوْلَ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ إذْ سَأَلَهُ رَبِيعَةُ عَنْ قَوْلِهِ فِي الْمَرْأَةِ يُقْطَعُ لَهَا ثَلَاثُ أَصَابِعَ لَهَا ثَلَاثُونَ مِنْ الْإِبِلِ فَإِنْ قُطِعَتْ لَهَا أَرْبَعُ أَصَابِعَ فَلَيْسَ لَهَا إلَّا عِشْرُونَ مِنْ الْإِبِلِ؟ فَقَالَ لَهُ سَعِيدٌ: السُّنَّةُ يَا ابْنَ أَخِي؛ فَجَعَلُوهُ حُجَّةً لَا يَجُوزُ خِلَافُهَا.

وَقَدْ خَالَفَ سَعِيدٌ فِي ذَلِكَ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ، وَعَلِيَّ بْنَ أَبِي طَالِبٍ وَغَيْرَهُمَا؛ ثُمَّ لَمْ يَجْعَلُوا هَاهُنَا حُجَّةَ قَوْلِ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ: إنَّ السُّنَّةَ هِيَ أَنَّ لَيْسَ عَلَى الْمُحْرِمِ يَقْتُلُ الصَّيْدَ خَطَأً، وَمَعَهُ الْقُرْآنُ، وَالصَّحَابَةُ - وَهَذَا عَجَبٌ جِدًّا.

وَمِنْ طَرِيقِ حَمَّادِ بْنِ زَيْدٍ عَنْ أَيُّوبَ السِّخْتِيَانِيُّ عَنْ طَاوُسٍ قَالَ: لَا يُحْكَمُ إلَّا عَلَى مَنْ قَتَلَهُ مُتَعَمِّدًا كَمَا قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ.

وَعَنْ الْقَاسِمِ بْنِ مُحَمَّدٍ، وَسَالِمِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ، وَعَطَاءٍ، وَمُجَاهِدٍ فِيمَنْ أَصَابَ الْجَنَادِبَ خَطَأً؟ قَالُوا: لَا يُحْكَمُ عَلَيْهِ فَإِنْ أَصَابَهَا مُتَعَمِّدًا حُكِمَ عَلَيْهِ وَهُوَ قَوْلُ أَبِي سُلَيْمَانَ وَأَصْحَابِنَا.

وَصَحَّ عَنْ مُجَاهِدٍ قَوْلٌ آخَرُ وَهُوَ أَنَّهُ إنَّمَا يُحْكَمُ عَلَى مَنْ قَتَلَ الصَّيْدَ وَهُوَ مُحْرِمٌ خَطَأً، وَأَمَّا مَنْ قَتَلَهُ عَامِدًا ذَاكِرًا لِإِحْرَامِهِ فَلَا يُحْكَمُ عَلَيْهِ.

وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ، وَمَالِكٌ، وَالشَّافِعِيُّ: الْعَمْدُ وَالْخَطَأُ سَوَاءٌ يُحْكَمُ عَلَيْهِ فِي كُلِّ ذَلِكَ - وَقَدْ رُوِيَ هَذَا الْقَوْلُ أَيْضًا عَنْ عُمَرَ، وَعَبْدِ الرَّحْمَنِ، وَسَعْدٍ، وَالنَّخَعِيِّ، وَالشَّعْبِيِّ.

قَالَ أَبُو مُحَمَّدٍ: الْمَرْجُوعُ إلَيْهِ عِنْدَ التَّنَازُعِ هُوَ مَا افْتَرَضَهُ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ عَلَيْنَا مِنْ الرُّجُوعِ إلَى اللَّهِ تَعَالَى وَرَسُولِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -.

وَشَغَبَ أَهْلُ هَذِهِ الْمَقَالَةِ بِأَنْ قَالُوا: قَدْ أَوْجَبَ اللَّهُ تَعَالَى الْكَفَّارَةَ عَلَى قَاتِلِ الْمُؤْمِنِ خَطَأً فَقِسْنَا عَلَيْهِ قَاتِلَ الصَّيْدِ خَطَأً؟

<<  <  ج: ص:  >  >>